بعد فترة التوافق الندائي-النهضوي حصلت القطيعة بينهما لتفسح المجال امام الشراكة بين النهضة والشاهد. وفي المقابل، يتساءل المتابعون عن التحركات المنتظرة لنداء تونس ولمؤسسه الباجي قائد السبسي ل»مواجهة» هذه الشراكة الجديدة وللتحضير ل2019. تونس الشروق: فاضل الطياشي بعد أن تأكدت القطيعة بين حركتي نداء تونس والنهضة وانقطع حبل التوافق بين زعيميهما التاريخيين الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي، تتجه الأنظار اليوم إلى ما يخفيه المستقبل من تطورات منتظرة على الساحة السياسية للعام المقبل ثم لفترة ما بعد 2019. تطورات سيُحددها حتما الحجم السياسي لكل طرف في الفترة القادمة. «شراكة» قوية .. لكن.. ظاهريا، وفي صورة تأكد دخول النهضة ويوسف الشاهد في علاقة شراكة، يبدو أن الكفّة السياسية سترجح لفائدة هذين الطرفين وذلك بالنظر الى ما سيمثلانه من قوة سياسية مؤثرة برلمانيا باعتبار ما لكتلة النهضة وكتلة الائتلاف الوطني (المحسوبة على الشاهد) من رصيد أغلبي اليوم في البرلمان(تقريبا 120 نائبا). وهو ما يمثل الأغلبية المطلقة في المجلس. وقد يرتفع العدد ليحقق أغلبية الثلثين. وهي أغلبيات مطلوبة للتصويت على النصوص التشريعية أو على الهيئات والهياكل التي تمر عبر البرلمان أو لتزكية التحويرات الوزارية، وما قد يمثله ذلك من خدمة للمصالح الانتخابية لكلا الطرفين.. كما أن هذه الشراكة مرشحة أيضا لتكوين خزان انتخابي هام استعدادا لانتخابات 2019. وهو ما سيمكنها من منافسة بقية القوى السياسية بشدة بالنسبة للرئاسية والتشريعية. لكن على أرض الواقع، تبقى عديد الاحتمالات واردة بالنسبة للمرحلة القادمة وذلك بالنظر إلى ما قد يُعدّه نداء تونس ومؤسسه ورئيسه الشرفي الباجي قائد السبسي من «أوراق لعب» جديدة قد ترجح الكفة السياسية لفائدته مرة أخرى ويستعيد بذلك سيناريو انتخابات 2014 دون التأثر بتراجع عدد نواب كتلته البرلمانية ودون «الانحناء» أمام «الشراكة» الجديدة بين النهضة والشاهد. نداء 2012 هذا الاحتمال لا يستبعده الملاحظون، لكنه يبقى في نظرهم رهين «التكتيك» الذي سيلعبه مؤسس الحزب ورئيسه الشرفي الباجي قائد السبسي للفترة القادمة. فالزعيم التاريخي للنداء بعث نداء تونس في 2012 منطلقا من النقطة صفر في فترة كانت تسيطر عليها مكونات سياسية قوية على غرار الثلاثي الذي تشارك في الحكم بعد انتخابات التأسيسي سنة 2011 (النهضة – التكتل – المؤتمر من أجل الجمهورية) وكذلك المكونات السياسية التقليدية القوية التي برزت على الساحة في تلك الفترة على غرار الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب العمال وحركة الشعب وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين فضلا على أحزاب جديدة برزت بقوة في تلك الفترة على غرار العريضة الشعبية والاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس والمبادرة والجبهة الشعبية. فهذه الأحزاب برزت بقوة في انتخابات المجلس التأسيسي سنة 2011. وواصلت النشاط بقوة إلى حين انتخابات 2014 وفي الأثناء ظهر حزب نداء تونس ( سنة 2012) وتمكن من «اكتساح» الساحة السياسية وفاز في انتخابات 2014.. فهل سيقدر النداء ومؤسسه الباجي قائد السبسي اليوم على السيناريو نفسه أي بناء «نداء قوي» ينافس بقية القوى السياسية في الاستحقاقات الانتخابية المنتظرة؟ بين 2012 و2018 يبدو الوضع السياسي العام مختلفا اليوم حسب المحللين والمتابعين:. فالمؤسس التاريخي للنداء، الذي تتجه اليه آمال الندائيين للانقاذ، في وضعية غير وضعية 2012. ففي تلك الفترة كان متفرغا تماما للعمل الحزبي أما اليوم فهو منشغل بمهام رئاسة الجمهورية. كما ان الفترة الفاصلة عن انتخابات 2019 قصيرة. وقد لا تمكن من إعادة بناء نداء 2012 الذي كانت أمامه 3 سنوات كاملة للاستعداد جيدا لانتخابات 2014 إلى جانب ذلك تبدو موازين القوى السياسية مختلفة نسبيا عن مناخ سنوات 2012 و2013 و2014 . فالمنافس الاول للنداء ( النهضة) أصبح اليوم أكثر تماسكا. كما أن قوى سياسية جديدة برزت على الساحة مثل الائتلاف الوطني والبديل ومشروع تونس والتيار الديمقراطي والتيار الشعبي والحزب الدستوري الحر إلى جانب تواصل تماسك منافسي النداء في 2014 مثل الجبهة الشعبية والاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس والجمهوري والمبادرة والتيار الشعبي وحركة الشعب. «تكتيك» الباجي مقابل ذلك، يقول ملاحظون إن جزءا من الواقع قد يسمح للنداء ولمؤسسه ورئيسه الشرفي الباجي قائد السبسي بمواصلة لعب دور متقدم على الساحة استعدادا لانتخابات 2019. ولم لا إعادة سيناريو 2014؟ ف»نواة» الحزب موجودة (رغم انها منهكة) وهو ما يعتبر ربحا للوقت بالنسبة للندائيين في علاقة باقتراب انتخابات 2019. وبعض المؤسسين الذين غادروه (واغلبهم من الاطراف السياسية الفاعلة اليوم) قد تُفتحُ أمامهم ابواب العودة من جديد. وامكانية استقطاب مكونات اخرى مازالت واردة أيضا لا سيما مكونات العائلة الدستورية والتجمعية وبعض التكنوقراط المستقلين (يمثلون بدورهم وزنا هاما على الساحة السياسية). وهي تطورات ستتزامن مع عقد الحزب مؤتمره في جانفي القادم وما قد يترتب عنه من تغييرات على مستوى القيادة والهيكلة قد تشجع على الانضمام الى الحزب. كما أن الحزب مازال متماسكا ومنتشرا على الصعيد الجهوي رغم ما حصل من أزمات في بعض التنسيقيات الجهوية مؤخرا... وبالتزامن مع ذلك يتوقع المحللون أن لا يولي النداء أهمية كبرى لتقلّص عدد نواب كتلته البرلمانية والتي قد يصنفها «من الماضي» خاصة مع اقتراب نهاية الفترة النيابية وقد يعتبر تراجع عددها بلا تأثير على إعادة تقوية الحزب في الفترة القادمة وعلى استعداداته للانتخابات التشريعية والرئاسية 2019. أما على الصعيد الانتخابي، فيتوقع المتابعون أيضا أن يركز الحزب على الورقة الرابحة التي لعبها في انتخابات 2014 وهي ورقة «ضد النهضة» ليستفيد بذلك من خزان انتخابي هام مازال يختلف فكريا وسياسيا مع حزب النهضة وبالتالي مع كل من سيتحالف معها مستقبلا.