بعد حَوالي ثمانية أشهر انتهى المكتوب بين الترجي وابنه البار خالد بن يحيى الذي فكّ العَلاقة التعاقدية دون المَساس بِصِلته «العُضوية» بالجمعية التي أفنى عُمره مُدافعا عن أزيائها كلاعب وكمدرّب حاز الإعجاب وحصد الألقاب وهذا ما يَعترف به التاريخ الذي سَيدوّن أيضا الأسباب الظّاهرة والبَعيدة لإنسحاب الرّجل من مَنصبه. تَعدّدت الأسباب والقرار واحد «الانفصال» كان صَعبا ومَريرا لكن المَصلحة اقتضت خروج بن يحيى في ظرف دقيق أضاع فيه الفريق الحلم العَربي ومعه خمس نقاط في سباق البطولة المحلية عَلاوة على «الترنّح» في المُنافسات القارية لتدقّ بذلك نواقيس الخَطر في مكتب المدب الذي اقتنع بأنّ الحلّ يَكمن في التَغيير أملا في تصحيح المسار قبل موعد 23 أكتوبر وهو مَحطّة مِفصلية في المسيرة الترجية خاصّة أن النجاح في تجاوز عقبة الأنغوليين يُساوي بلوغ «فينال» رابطة الأبطال. والحَقيقة أن «الخَسائر» الرياضية والمالية التي تَكبّدتها الجمعية على الصّعيدين المحلي والاقليمي لم تكن سوى جزء صَغير من «الأزمة» الحَقيقية لبن يحيى. ذلك أن أهل الدار كان بوسعهم أن «يَغفروا» للمدرب الخروج من البطولة العربية ويَغضّوا الطّرف عن تعادل «البقلاوة» وهزيمة صفاقس خاصّة أن البطولة طويلة لكن يبدو أن صِدامات «الكُوتش» مع عدد من «نجوم» الفريق آخرهم الدولي غيلان الشعلالي كان بمثابة القطرة التي أفاضت كأس الصّبر. ومن المُلاحظ أن رحيل بن يحيى كان الحلّ الأمثل والأفضل بعد أن استحال العمل في أجواء «مكهربة» بفعل «حرب النجومية» بين المدرب ولاعبيه علاوة على القيل والقال بشأن التدخّلات الجانبية في شؤونه الفنية وهو ما انعكس بصفة سلبية على تركيز خالد الذي لم يُعد قادرا على كبح غضبه. وهذا ما أكدته حالة الفوضى التي رافقت لقاء «الكلاسيكو» الذي ارتكب أثناءه خالد عدّة أخطاء تَنظيمية وفنية على غرار «إقصاء» الشعلالي والتحوّل بمفرده إلى صفاقس فضلا عن «تَجريب» خطّة تَكتيكية «فَاشلة» انضافت إلى عدّة «طَبخات» أخرى رَديئة. ظَلموه أم ظَلم نفسه؟ قد تَختلف التحاليل بين قائل بأنّه وقع «التَعسّف» على بن يحيى ومؤكد بأنه جَنى على نفسه. وقد يشير أنصار الرّجل إلى أن الهدف الأوّل والأكبر للفريق في المرحلة الحَالية هو رابطة الأبطال وقد أنجز المدرب مَهّمته بنجاح بعد أن أقصى «ليتوال» وبلغ المربّع الذهبي وتبدو حظوظه وافرة جدّا للتأهل إلى «الفينال» بالنّظر إلى الهزيمة الخَفيفة في «لواندا». أمّا الجهات الداعية إلى ابعاده فهي تَعتبر أن خالد «محدود» الامكانات ولن يفيد الجمعية على المدى المتوسّط والبعيد وقد يتسبّب في إهدار الحلم القاري وهذه القناعات قَابلة طبعا للنقاشات ولوأنّ فئة من أصحاب هذا الرأي يَقدحون في مؤهلات بن يحيى لغاية في نفس يعقوب. ولا يَخفى على أحد أن خالد يتعرّض في الكواليس إلى حملة شعواء يقودها «الأشقاء الأعداء» الذين «احتفل» بعضهم بخبر إقالته وهذه الجماعة معروفة لدى القاصي والداني وحتى نسمّي الأشياء بمُسمياتها التزاما بالحقيقة نشير إلى أن «جبهة المُعارضة» تضمّ عدة أسماء لعبت في الترجي أونالت شرف تدريبه كما هو شأن عبد الكريم بوشوشة ومختار التليلي (مع احترامنا طبعا لرأي الرّجلين في «تَكتيك» بن يحيى). والطّريف أن جُلّ خصوم بن يحيى لديهم قاسم مُشترك وهو «الوَلاء» لمعلول الذي نكاد نَجزم بأنّه يرقص فرحا ل»طَرد» خالد الذي أصاب وأخطأ مثل كلّ الفنيين والثّابت أنه اجتهد لخدمة جمعيته التي تولّى قيادتها في أشدّ الأزمات والتي لم يُفكّر يَوما في الإساءة إليها أو»مُقاضاتها» كما فعل أحدهم. عنصر آخر مهمّ ومُساهم في «سُقوط» بن يحيى وهو «المَاكينة» الاعلامية التي استغلّها بعض «المُحلّلين» لاصطياد كلّ «الزلاّت» الفنية والاتّصالية لخالد وذلك بشكل مُمنهج ويَفضح نَواياهم المُبيّتة للإطاحة بالرّجل المشكور في كلّ الأحوال على اجتهاداته التي أحرز بفضلها الفريق على البطولة مع الوصول إلى المربّع الذهبي لرابطة الأبطال.