حسين بن ميلود هو واحد من بين أبرز العازفين على آلة الناي في تونس وفي العالم العربي خريج المعهد العالي للموسيقى بسوسة امتدت مسيرته الموسيقية على أكثر من عقدين مكنته من مقعد قار في الفرقة الوطنية للموسيقى ومختلف الفرق الموسيقية المعروفة مما رسخ عمق قدراته في العزف. (الشروق) مكتب الساحل وقد خطف بن ميلود الأضواء خلال الصّائفة المنقضية من بقية العازفين في الفرقة التي صاحبت أمينة فاخت في حفلاتها فلم تمر سهرة تقريبا دون أن تدعوه للرقص معها والعزف الاستعراضي، اعتبرها حسين من اللحظات الممتعة التي زادت من شحن طاقته على الركح. وفي حوار خص به جريدة "الشروق" كشف فيه عن سر تعلقه بآلة الناي ومراحل مسيرته الفنية إلى جانب مواضيع أخرى في التفاصيل التالية: كيف كانت بداية علاقتك بآلة الناي؟ نشأت في عائلة فنية وكان والدي يعزف على هذه الآلة، تعلمت منه ثم انطلقت مع الفرق الموسيقية المدرسية والمعاهد الثانوية، بدأت العزف منذ أن كان سنّي 11 سنة، ثم واصلت دراستي الجامعية بالمعهد العالي للموسيقى بسوسة اختصاص ناي، وإلى جانب هذه الآلة فأنا أتقن العزف على بقية الآلات الموسيقية ما عدى الكمنجة رغم أن شقيقي ياسين يعزف معي في الفرقة الوطنية وهو أستاذ اختصاص كمنجة ولكن للأسف لم يتسنّ لي تعلّمها، وعادة كل من يعزف ناي يصعب عليه عزف الكمنجة والعكس بالعكس. لماذا حسب رأيك لا يزال العازف في تونس تحت ظلّ المطرب ولم يصل إلى إنتاج عروض خاصة به؟ مسألة ثقافة للأسف، تعوّدنا بوجود المطرب بدرجة أكثر من العازفين ودائما العازف يكون في مرتبة ثانية رغم أن الأخير هو الذي يدفع المغني ويبرزه فمهما كان اسم المطرب لو يغني أمام فرقة متواضعة سيؤثر ذلك حتما على حضوره وأدائه، وبالتالي لا بد من إعطاء العازف حجمه وقيمته الحقيقية وهذا يرجع لمسألة العقلية. بمن تأثرت في مسيرتك الفنية؟ الشخصية الأولى هي والدي رحمه الله، وبما أني أحب جدا آلة الكاولة فقد تأثرت كثيرا بالعازف عبد الله حلمي واختصصت في هذه الآلة اكثر من الناي. هل تفكر في الهجرة؟ عزفت وراء العديد من المطربين العرب المشهورين ولكن أنا شديد الارتباط بتونس وأريد تحقيق النجاح في بلدي ورغبتي الكبرى أن يصبح للعازف مكانة أفضل وفي نفس المرتبة مع المطرب وأن تكون له حفلات خاصة، وما يحدث في دول أخرى أريد أن أشاهده في بلدي تونس وأعيشه ولا أنكر قيمة الحضور في بلدان لها هذه التقاليد وتملك السوق لمزيد كسب الخبرة والانتشار العربي. هل لديك احترازات على مطربين دون آخرين للعزف وراءهم خاصة إذا كنت مقتنعا بضعف قدراته الصوتية؟ ليس لي خيار في هذه الوضعية لأني مطالب بأداء مهمتي على أفضل وجه وأرضي ضميري والجمهور الحاضر، ولا أتحمل مسؤولية الآخرين مع تقديري لكل من يصعد معي على الركح. صاحبت أمينة فاخت في كل عروضها الصيفية وفسحت لك المجال للبروز بالرقص معها والعزف وقوفا ومشيا على الركح وانخرطت مع ما يعرف ب "هبلات أمينة" كيف تقبلت ذلك؟ أمينة قيمة فنية كبرى وتفاعلت معها بكل حب وتلقائية وأسعدتني بذلك التصرف. تكرر الأمر في كل حفل أوحى للعديد بأنه مبرمج مسبقا لإثارة الجماهير مثلما عودت أمينة جمهورها في كل حفل فهل كان ما تقوم به معك على الركح مخطط له؟ لا لم يكن مبرمجا بل كان بصفة عفوية وتلقائية، فمنذ صغري كنت أتمنى أن أعزف وراء أمينة وفي الأخير تحققت رغبتي وصعدت معها ركح مسرح قرطاج فأبهرني الجمهور الغفير مما شحنني بطاقة كبيرة جدا وانتشيت بالعزف وانسجمت مع أمينة كل الانسجام. هناك من رأى في ذلك التصرف استنقاصا من قيمة العازف وتأثيرا على تركيزه في العزف؟ بالعكس لقد أحببت ما قامت به أمينة وبالعكس شحنني بطاقة إضافية ولم يشتت تركيزي بل جعلني في نشوة. لماذا تعاملت معك بتلك الطريقة، من بين بقية العازفين؟ لا يوحي الأمر بمعاملة خاصة، فبطبعي إنسان خجول ولكن على الركح أتغير بدافع الطاقة الإيجابية وأتفاعل بكل تلقائية ما دام ذلك لا يخرجني من إطار الموسيقي والتفاعل الإيجابي وأعتبر تصرف أمينة معي متنفسا لي خلال الحفل ولحظات أمتعتنا ومكنتني أيضا من التفاعل مع زملائي العازفين. هل سيقف نشاطك الموسيقي حدّ العزف وراء المطربين أم تطمح إلى مشروع فنّي آخر؟ أنا بصدد التحضير لمشروع فني خاص بي أوظف فيه كل الآلات التي أتقن عزفها، أريد تحقيق مسيرة عازف على غرار العازفين الأتراك والمصريين وغيرهم من الذين صنعوا لأنفسهم مسيرة انطلاقا من العزف.