مرة اخرى يصنع الباجي قائد السبسي الحدث وبطريقة لا يدرك سرها غيره. الحدث جاء لمجرد حضوره في القمة الفرنكوفونية وعقب الكلمة التي قالها في حقه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. ما قاله الرئيس الفرنسي في حق الباجي قائد السبسي هواستثنائي بكل المقاييس وهوما جعله محل قراءات متعددة في تونس والخارج خاصة وان المناسبة لم تكن ثنائية بل في قمة تضم عددا كبيرا من الدول وان ايمانويل ماكرون هورئيس دولة نرتبط معها بعلاقات هامة وحتى وان كانت معقدة وهي بالأساس دولة لها وزنها ورأيها في مستوى العالم. ومن منطلق موقعي في حركة «نداء تونس» وايضا معرفتي الشخصية منذ عقود بالباجي قائد السبسي فاني اشعر بالفخر لهذه الاشادة. ولا علاقة لهذا الفخر بما تعيشه الساحة السياسية في تونس من تجاذبات وتوتر لأن رئيس الجمهورية لم يراهن يوما على الدعم الخارجي في مسيرته السياسية لانه حريص على الندية في المستويين الشخصي وفي العلاقات بين الدول علاوة على انه يرفض رفضا قطعيا ان يقع الحديث عن الشأن التونسي خارج تونس. لقد مثلت الحرية والنضال من أجلها ثابتا أساسيا من ثوابت المسيرة السياسية للباجي قائد السبسي سواء في مساهمته في معركة الشعب التونسي لنيل الحرية من الاستعمار الفرنسي او في رفضه للتعاضد المفروض قسرا لانه استهداف للحرية الاقتصادية واثر ذلك في النضال من اجل فرض الحريات السياسية والتصدي لنظام الحزب الواحد وايضا في مرحلة الانتقال الديمقراطي في السنوات الاخيرة .ان الباجي قائد السبسي هوالرقم الأساسي في المعادلة السياسية التونسية في السنوات الاخيرة وقد انتصر للحرية سواء في مرحلة كتابة الدستور اوفي رفض اقحام تونس في سياسة المحاور بما يعنيه ذلك من وأد للتجربة التونسية في فرادتها وتميزها واخيرا في ما قام به لفائدة المراة التونسية من جهد لافت تجلى في مبادرته الأخيرة لتكريس الحريات والمساواة القانونية والاعتبارية بين الجنسين. لا تعنيني كثيرا الاعتبارات التي أخذها ايمانويل ماكرون حين صرح بما صرح به لأني اتعاطى مع المسالة من وجهةونظر التونسي الذي يعتز بان تكون بلاده نموذجا وقدوة وبان يكون رئيس جمهوريته رمزا من رموز الحرية في العالم وامتدادا لإرث عريق في السبق نحوالتحرر والتقدم. وما يعنيني ايضا ان تكون كلمات ماكرون حافزا لكل التونسيين والتونسيات من اجل العمل المشترك من اجل الحرية والتقدم ولا استثني احدا لأني من المؤمنين بان التوجهات الظلامية قد انحصر تاثيرها وان حركة النهضة ساهمت من مواقع متقدمة في معركة الحريات والتقدم وانها ستواصل المساهمة في هذه المعركة المصيرية لتونس ولمستقبل شعبها خاصة وان بعض «العثرات» قد اصبحت تثير بعض المخاوف خاصة من حيث التعسف في توظيف الادارة والقضاء لاستهداف الخصوم السياسيين هذا دون ان ننسى «محاصرة» بعض وسائل الاعلام التي تتمسك بحريتها واستقلاليتها واستحضر هنا قناة «نسمة» التي لا اخفي مساندتي لكل اسرتها في وجه ما تتعرض له من مخطط يستهدف اخضاعها و اسكاتها .