أخيرا جاء موعد 23 أكتوبر الذي تنتظره الجماهير الترجية بفارغ الصّبر قياسا بأهميته القُصوى في المسيرة القارية للجمعية التي تَقف اليوم أمام فرصة ذهبية لبلوغ الدّور النهائي لرابطة الأبطال بعد الإطاحة ب»غرّة أوت» الأنغولي الذي يدخل لقاء رادس بأسبقية هدف يَتيم. هذه الأفضلية الطّفيفة قد تُصبح في خَبر كان بالنّظر عدّة مُعطيات في مقدّمتها التقاليد العريقة للترجي في تَغيير نتائج المُباريات وانتزاع البطولات في أصعب الوضعيات كما أن الجمعية ستجد اليوم مُساندة غير مشروطة من جماهيرها الغَفيرة. ومن الواضح أيضا أن اللاعبين سيبذلون قُصارى جهدهم لردّ الفعل بعد فترة الفراغ التي تلت الفوز على النّجم وما رافقها من توتّرات عصفت بمستقبل بن يحيى ليعوّضه الشعباني الذي يخوض اليوم «لقاء العمر» بعد أن وجد نفسه في الواجهة بقرار من المدب الذي لعب ورقة الطّموح وروح الشباب لتحقيق أحلام الترجيين. عين على الدفاع وأخرى على الهجوم يَحتاج الترجي في لقاء اليوم إلى تسجيل هدفين نَظيفين ليقلب الطاولة على الأنغوليين ويقتلع بطاقة العبور إلى «الفينال» الافريقي الأضخم والأهمّ. وستكون الآمال مُعلّقة على «الماكينة» الهجومية لاختراق دفاع «غرّة أوت» وتسجيل هدفين كحد أدنى للترشح دون «السهو» لحظة واحدة عن الدفاع لأن أيّ تَهاون في المنطقة الخلفية قد يتسبّب في هدف «غَادر» من شأنه أن يُبعثر الأوراق ويَقضي على الحلم القاري للترجي. وفي ظلّ هذه المعادلة الصّعبة سيختار الإطار الفني للنادي بقيادة الشعباني تشكيلة تضمن له إحداث التوازن بين الواجبات الدفاعية والعَمليات الهُجومية. ومن هذا المُنطلق قد يكون الحلّ في المُراهنة على «المُثلّث» المُتكوّن من «كوليبالي» و»كوم» والشّعلالي لإحكام السّيطرة على وسط الميدان بشكل يساهم في احباط مُحاولات المنافس مع المساهمة في إطلاق العمليات الهُجومية للترجي الذي قد يجد ضَالته في الأسماء التالية لتأثيث تشكيلته الأساسية: الجريدي – الذوادي – اليعقوبي – الدربالي – بن محمّد – كوليبالي – كوم – الشعلالي – البدري – البلايلي – الخنيسي. وتَبقى فرضية اقحام بقير مكان الشعلالي واردة كما أن المدرب يملك عدة أوراق أخرى قد يستخدمها في لقاء اليوم مثل الجويني والماجري ويحمل اليعقوبي على عاتقه مسؤولية كبيرة في الدفاع الذي يَفتقد اليوم إلى مجهودات القائد شمّام بسبب عُقوبة الورقة الحمراء. لمسة الشعباني ماذا سَيُغيّر الشّعباني بالمُقارنة مع فترة بن يحيى؟ هذا السؤال يطرحه أنصار الترجي بعد وضع الثقة في الشعباني لاجتياز هذا الامتحان القاري الكبير والمُؤثّر في مسيرة الجمعية. ومن الواضح أن «الانقلاب» الأهمّ للشعباني يَكمن في إعادة الثقة للاعبين ودفع بعض العناصر للظهور بمستواها المعهود كما هو شأن البلايلي والبدري والخنيسي خاصّة أن ثلاثتهم كانوا خارج الموضوع في الفترة الأخيرة وقد ساد الاعتقاد بأن «أزمتهم» ذِهنية. ولاشك في أن مُعين يراهن كثيرا على رُوحه القيادية وشَخصيته القوية ليشحذ الهِمم ويجعل كافّة اللاعبين يقدّمون مباراة بطولية دفاعا وهُجوما انتصارا لِسُمعتهم ومُدرّبهم الذي كان قد أظهر قدرات فائقة على مستوى التحضير البسيكولوجي ل»الكوارجية» بدليل تجربه السابقة في «بوقرنين» حيث كان الجانب الذهني السّمة البارزة والعلامة الفارقة في أداء شبّان «الهمهاما». وبالتوازي مع «شَحن» اللاعبين لابدّ من خطة فنية مُحكمة ومَرنة وهذا ما اشتغل عليه الشعباني وبقية مُعاونيه خلال الأيّام الأخيرة. في الدفاع، يراهن معين على خِبرة الجريدي والذوادي واليعقوبي والدربالي و»الفُورمة» الكبيرة لبن محمّد أمّا في وسط الميدان فإن التركيز انصبّ على «تَصحيح» تمركز الثنائي «كُوليبالي» و»كُوم» مع استغلال الدور الفَاعل للشعلالي في الرّبط بين خطّ الوسط والهجوم. ويسعى المدرّب إلى تَفجير طاقات البلايلي والبدري والخنيسي ليقين الجميع بأن هذا الثلاثي يشكّل القوّة الضاربة ل «الماكينة» الترجية عندما يكونوا في أتمّ الجَاهزية الذهنية مع «تَحريرهم» من القيود التكتيكية التي كانت تُعرقل حسب البعض ظهورهم بأداء جيّد. وبالمُختصر المفيد سَيرفع الشعباني شِعار السّهل المُمتنع: أي أنّه سيضع كلّ عُنصر في مَكانه ويوفّر له الدعم المعنوي ويُحدّد له واجباته ليقوم بدوره على أحسن أوجه.