لا يمكن أن ننسى صيفا غضب فيه التونسيون، من تكرر انقطاع الماء، وسئموا من تصريحات المسؤولين حول تهديدات البلاد بالعطش والفقر المائي، وغياب الحلول الملموسة للأزمة. اليوم تنزل الأمطار كبشرى خير. خير فاض وتجاوز بكثير شكوى الأهالي من حرمانهم من المياه، وتحذير الخبراء من تراجع مخزون الماء. لكن يبقى التحدي في مجابهة أضرار الفيضانات والاستعداد للمستقبل. وتعتبر السدود من أبرز المنشآت القادرة على حفظ المياه وخزنها لاستغلالها. بالتالي توجب على الدولة استغلال هذه الفيضانات التي لم تعرفها البلاد منذ الستينات والمحافظة على الماء، حتى تكفي الكميات لفترات الجفاف التي أصبحت تدوم أكثر من 4 سنوات. فيضانات هذه الأيام هي اختبار للحكومة والمسؤولين في مستويات عديدة منها رصد التساقطات والتحكم في السيلان وتخفيف الأضرار ونجاعة طرق التدخل والتصرف. الأكيد أيضا أن السيول التي تمثل نعمة تقي العطش وتبعث الحياة، تتحول إلى نقمة متى اصطدمت ببنية اساسية مهترئة، أو غمرت اشغالها الفساد، أو لم يستعد إليها المسؤولون ولم يضعوا استراتيجيات لمجابهتها قبل وبعد «الكارثة». موسم الأمطار انطلق للتو، وتقارير الرصد الجوي العالمية تتوقع سنة ممطرة وهو ما يتطلب تنسيقا بين الباحثين والمسؤولين وتوحدا من أجل استغلال خيرات استثنائية، والنجاح في اختبار الطبيعة لحكمة الإنسان. وسيكون من المخجل أن يصرّح مسؤول مستقبلا بأن البلاد «فقيرة» مائيا وأنه لا ماء في المخزونات.