دور الاعلام تنمية المجتمع المدني واستشراف المستقبل: ولا يكون ذلك إلا بالوقوف على النقائص وإيجاد الحلول المناسبة لها. ومن أخطر أدواره زيارة المناطق النائية للاطّلاع ميدانيا على ظروف حياة المتساكنين داخل أحيائهم الشعبية، ورفع معاناتهم اليومية إلى المسؤولين والسلط المعنية لضبط برامج تنموية تمكنهم من العيش الكريم في ظروف ملائمة للحياة. ولقد عرفت بلادنا في عديد المناسبات فيضانات خطيرة عبر التاريخ إلا أنه بفضل العزيمة الصادقة والمدّ التضامني التطوعي ووقوف الشعب كالرجل الواحد خرجت منها البلاد بأقل ما يمكن من الأضرار والخسائر من جميع النواحي رغم الاحتياج والخصاصة وقلّة الوسائل والفقر المدقع. لكن الغريب في الأمر ان وسائل إعلامنا من إذاعات وطنية وتلفزات رغم كثرتها وتعدد برامجها المضحكة المبكية مازال مقدمو هذه البرامج يستضيفون أحزاب "الفسحة" كما سمّاها «الرئيس السيد الباجي قائد السبسي»، يتحلّقون حول طاولات مستديرة للحديث عن حزب فلان وحركة فلانة وقد غفلوا بل تغافلوا عن التفكير في إيجاد الحلول المناسبة نتيجة تلك الأضرار الجسيمة التي خلفتها هذه الأمطار الغزيرة.. بنية أساسية أكل عليها الدهر وشرب لا تحترم كرّاس شروطها.. بناء فوضوي في مجاري الأودية دون تهيئة عمرانية.. ديوان للتطهير لا يقوم بجهر وتنظيف البالوعات توقّيا للأخطار المحدقة في كل وقت وحين.. وغير ذلك من الاستعدادات اللازمة لمثل هذه الكوارث الطبيعية الطارئة.. والنتيجة تضرر المواطن التونسي بالدرجة الأولى فأصبح وبات يفترش الأرض ويلتحف السماء.. ويغرق في أوحال وسيول من المياه التي جرفت البعض منهم إلى أعماق الأودية بدون رجعة. ففي مثل هذه الظروف الصعبة من واجب الاعلام فتح حوار جدي نزيه مع هؤلاء المسؤولين للوقوف على أسباب ومسببات هذه النتائج الكارثية ومطالبتهم بضبط خطط ومخططات مدروسة بصفة فنية علمية على المدى الطويل. فأين هو دور الصحفي الملتزم في بلادنا ومتى سيلتزم بأخلاقيات المهنة المقدسة للتخفيف من وطأة هذه الكارثة العظيمة التي أغرقت البلاد والعباد في عديد المشاكل.