تتسارع هذه الأيام وتائر التطبيع بين دول خليجية والكيان الصهيوني. تسارع أصبح الحديث معه عن ربط هذه الدول بالكيان الغاصب بشبكة للسكك الحديدية أمرا واردا ويتم الإعداد لإنجازه في أقرب الأوقات.. يجري كل هذا في حين يواصل الاحتلال عربدته ويمضي في حصار أبناء الشعب الفلسطيني وتقتيلهم .. كما يمضي في سعيه الى تهويد الأرض والمقدّسات وفي رفضه للحقوق الوطنية الفلسطينية وفي طليعتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. واضح أن هذه الدول الخليجية قد غيّرت بوصلة الصراع بالنسبة إليها.. وحوّلتها من اتجاه الكيان الصهيوني إلى الاتجاه الإيراني ليُصبح هذا الكيان حليفا استراتيجيا لهذه الدول ولتقدم فلسطين والحقوق الفلسطينية قربانا لهذا التحالف الجديد. وبذلك يحصل الكيان الصهيوني على هدية الدهر ممثلة في تمكينه من فرصة تطبيع وضعه وإقامة علاقات عادية مع دول عربية مع الاحتفاظ بكامل فلسطين وفي غياب أفق حل يعيد الحقوق إلى أصحابها ويمكّن من عودة الأرض العربية سواء في فلسطينالمحتلة أو في الجولان السوري أو في مزارع شبعا اللبنانية إلى أصحابها. وبالمحصلة يبدو الأمر وكأن الكيان الصهيوني يحصل على مكافأة من دول عربية على تواصل احتلاله أراضي عربية بما يشجعه على المضي على نهج الصلف والغطرسة ورفض إعادة الحقوق الى أصحابها.. كما يبدو وكأن هذه الدول تخضع لإملاءات أمريكية تدفعها على نهج صفقة القرن سيئة السمعة والهادفة إلى الالتفاف على الحقوق العربية وإعطاء الفلسطينيين والعرب أوهام سلام فيما يأخذ الصهاينة الأرض والسلام والتطبيع معا. هذه الهرولة الخليجية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني وضد حتى قرارات القمم العربية التي ربطت العملية بعودة الحقوق الفلسطينية لا يمكن إلا وضعها في إطار كذبة القرن التي قام وفقها الرئيس ترومب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدسالمحتلة في خطوة واضحة لتكريسها ك«عاصمة أبدية لاسرائيل» كما يزعم ويتبجّح بذلك الصهاينة. وهي تأتي في هذه الفترة بالذات استكمالا لوعد بلفور المشؤوم الذي أعطى وفقه الانقليز (2 نوفمبر 1917) ما لا يملكون لمن لا يستحق.. الآن وفي الذكرى 101 لهذا الوعد الجائر الذي حكم على الشعب الفلسطيني بالشتات والتهجير وذلّ الاحتلال تقدم دول خليجية مكافأة الدهر لهذا الكيان الغاصب وتهديه إمكانية تطبيع وضعه والتمدّد وجني الثمار الاقتصادية لتوطيد أركانه وتأبيد احتلاله للأراضي العربية وتنكّره للحقوق الوطنية الفلسطينية. فهل بعد هذا السقوط العربي سقوط؟ وإلى أين يمضي بالأمة العربية هذا الزمن العربي الرديء؟