اصطبغ بيان السيد يوسف الشاهد أمس أمام نواب الشعب بلهجة لم تخل أحيانا من إحساس بالأسف حين تعرض لحصيلة عمل حكومته مبيّنا أنه كان بالإمكان أفضل مما كان لو صح عزم الجميع وتوفّر الدعم للحكومة في الملفات الكبرى التي فتحها. وأوّلها ملف مقاومة الفساد. يوسف الشاهد قال صراحة إنّ حكومته «عملت تحت قصف عشوائي. وكانت النيران الصديقة أكثر من نيران المعارضة». والتعبير يحيل إلى قاموس الحروب العصرية ولا شك أن رئيس الحكومة تعمّد استعمال هذه العبارات قصد الاستحواذ على انتباه النواب، ومن ورائهم الشعب بأكمله، واتخاذهم شهودا على الأسباب الحقيقية للأزمة التي تتعرّض لها البلاد منذ أشهر طويلة. وعطّلت عمل الحكومة. وأثّرت في أدائها. وهي أسباب مفتعلة تعود إلى صراعات سياسية منحازة. لكن يوسف الشاهد لم يكتف في شكواه بعبارات الحرب العصرية. بل ذهب بعيدا في الذاكرة ليقتبس من التراث الإسلامي ويستشهد بمقولة الشاعر العربي الفرزدق لسيد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب حين سأله وهو في طريقه إلى الكوفة بعد أن بايعه أهلها بالخلافة. سأل الحسين الفرزدق: «كيف رأيت أهل العراق؟» فردّ الفرزدق بهذه الحكمة التاريخية: «قلوبهم معك... وسيوفهم عليك». فأجاب الحسين الفرزدق قائلا: «صدقت». لكنه تقدم نحو الكوفة دون تردّد لإيمانه بعدالة وصواب مهمته وقاوم الخصوم وتجلّد وصبر وصابر. خان أهل الكوفة الحسين وشاركوا في قتله. لكنه تحوّل بعد ذلك إلى «سيد الشهداء».