يستمر المبعوث الأممي غسان سلامة هذه الأيام في محاولة استبلاه الشعب الليبي والضحك على ذقونه من خلال إيهامه بأنه اقترب من الحل وإعادة الحوار بين مختلف الأطراف الليبية بعد النتائج الكارثية التي أفضت اليها الى حدّ الآن مسلكية السلاح والفوضى والعنف. بعد مؤتمر تونس والمغرب والجزائر وباريس و«باليرمو» وهي مؤتمرات آلت جميعها الى فشل مدوّ انطلق غسان سلامة هذه الأيام في التسويق للمؤتمر الليبي الجامع المنتظر والادعاء بأنّ هذا المؤتمر سيكون خشبة الخلاص. المفارقة أنّ المبعوث الأممي لا يزال يراهن في مساعيه هذه على خطته التي يصرّ على وصفها بأنها «خطة الليبيين بتسهيل من الأممالمتحدة وليست خطة المنظمة الأممية لإرضاخ الليبيين» بينما الحقيقة اليوم أنّ هذه الخطة فقدت أي قيمة وأي مصداقية لعبثية ما احتوته، ولخطورة ما تضمنته، ولأهمية ما تجاهلته... ولذلك فشلت هذه الخطة التي هلّل لها المجتمع الدولي طويلا في إحداث أي اختراقة. وسقطت في كل مراحل تطبيقها بعد أن تركتها جل القوى الليبية. وتراكمت عثراتها واستعصاءاتها. ووصلت الى حالة من الإنهاك والهشاشة لتكون جزءا من الفشل بدل الحل. حتى أن حكومة الوفاق الوطني، وعلى الرغم من المساندة الدولية لها كأحد مخرجات اتفاق الصخيرات، كانت دليلاً آخر على عدم واقعية هذه الخطة. حيث أنّها وقعت مع مرور الوقت وسط الأزمات لتصبح طرفاً في الصراع بدل أن تكون عامل وفاق. وهكذا أصيبت خطة سلامة بمرور الوقت بالشلل. فقد ركّز على الاتصالات بأطراف إقليمية ودولية، لها حلفاء في الداخل الليبي، بعد أن تأكد له أن الأزمة في البلاد تحكمها تشابكات معقّدة إقليمية ودولية. لكنه كرر الأخطاء السابقة التي وقع فيها من سبقه من المبعوثين الأمميين. فبدل الضغط على الميليشيات، وفرض شروط عليها لقبولها بالحل السياسي، سار في ركب السياسة الغربية التي ظلت تحاول فرض حليفها (الميليشيات) كطرف في أي تسوية. إنّ الوضع الحالي يمكن أن يستمر طويلاً إذا اعتبرنا القابلية على التكيف والمصالح التي تجنيها منه جهات عديدة، داخلية وخارجية. لكن لا يمكن أن يتواصل إلى ما لا نهاية، ولا أن يتحوّل إلى بديل عن الدولة. ليست القضية الأساسيّة اليوم في ليبيا قضيّة مؤتمرات على أهميتها وإنما القضية الأخطر اليوم هي كيفية إنهاء ظاهرة السلاح والميليشيات.. هنا بالذات يكمن المشكل الحقيقي. وهنا أيضا يكمن الحلّ الذي يبقى شرطه الأساسي مخاطبة الأسباب الرئيسة للأزمة، بدل النتائج...وهذا ما لم يحدث حتى الآن...وأغلب الظن أنه لن يحدث!