الجزائر- : الشروق تترقب دول الاتحاد المغاربي المجمد، بشغفٍ شديدٍ مآلات المذكرة التي وجهتها الحكومة الجزائرية إلى الأمين العام للاتحاد الطيب البكوش، بغرض عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء، وسط حذر من عدم تحقق المأمول في ظل تبادل البيانات والاتهامات بين دولتي الجزائر والمغرب. وفيما أبدت تونس وموريتانيا ترحيبهما بالدعوة الجزائرية الى عقد قمة مغاربية، لم تتحدد بعد معالم الاجتماع القادم ولا موعده ولا حتى مكانه، في وقت تحفظت فيه الرباط على المقترح الجزائري. واعتبرته رفضًا لحوار ثنائي ومصالحة تاريخية بين البلدين. واستدعى وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة سفير الجزائر في الرباط، لغرض "معرفة الموقف الرسمي للسلطات الجزائرية تجاه مبادرة إحداث آلية سياسية للحوار والتنسيق مع الجزائر». وقالت وزارة الخارجية المغربية إن «هذا اللقاء يأتي بعد عدة مبادرات، رسمية وغير رسمية، تم القيام بها، دون جدوى، على مدى عشرة أيام، قصد ربط الاتصال مع السلطات الجزائرية على مستوى وزاري"، مع تجديد تمسك الرباط ب"خلق إطار حوار ثنائي مباشر وبدون شروط، من أجل تبديد جميع الخلافات بين البلدين، واستئناف تعاونهما والتركيز على التحديات الإقليمية وعبر الوطنية». وفي العاصمة الجزائرية، ردت وزارة الشؤون الخارجية على المطلب المغربي ولقاء السفير الجزائري بالوزير ناصر بوريطة، بأن «الحكومة الجزائرية تتمسك بمبادرة إعادة تفعيل المغرب العربي الكبير المجمد منذ سنوات، والتي لاقت ترحيبًا واسعًا من دول ومنظمات عقب الدعوة الموجهة الى عقد اجتماع لمجلس وزراء خارجية الاتحاد المغاربي». وأثنت وزارة الخارجية الجزائرية على أنها "خطوة لها دلالات على الأهمية التي توليها الجزائر لإعادة تنشيط الاتحاد، الذي يعتبر أداة لتحقيق التكامل والاندماج الاقتصادي في عالم تفرض التكتلات نفسها فيه كصيغة لا بديل عنها لمواجهة التحديات. وفي سياق ذلك، أثنت الجزائر على تفاعل الأمانة العامة للاتحاد المغاربي التي "تولت إعلام جميع الدول المغاربية الخمس بفحوى الرسالة الواردة إليها من الجزائر في ذات اليوم الذي اتصلت فيه بها"، معبرةً عن أملها في أن "يستجيب الجميع للدعوة المتجددة الى عقد المجلس الوزاري في انتظار عقد القمة السابعة". وفي وقتٍ سابقٍ، أعلن حزب العدالة و التنمية الذي يقود الحكومة المغربية، أنه قرر" تنظيم زيارة لبعض الأحزاب الجزائرية من أجل بحث سبل الإسهام في تطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين وتجاوز كل الخلافات التي تحول دون تطوير مختلف مستويات التعاون بينهما». لكن الطرف الجزائري تجاهل بشدة هذا التحرك الحزبي المغربي وحتى تصريحات الملك محمد السادس في خطاب عيد المسيرة الخضراء، على خلفية تشكيك صانع القرار الجزائري في «نوايا العاهل المغربي محمد السادس». إذ يقول مصدر دبلوماسي جزائري ل»الشروق» إن بلاده تتعامل مع الأفعال وليس مع الأقوال، موضحًا أن الملك تعمد إطلاق تصريحات «جوفاء». والأصح هو أن يعرض مبادرته على القنوات الرسمية كأن يراسل الحكومة الجزائرية عبر سفارتها في الرباط، وحينها كانت الأخيرة سترد بالإيجاب، إضافة إلى أن الجزائر تقدمت بمذكرة رسمية إلى أمانة الاتحاد المغاربي. وهي بذلك تجسد دبلوماسية الأفعال وليس الأقوال، وفق تعبير المتحدث الدبلوماسي الذي طلب حجب هويته. وشدد المصدر ذاته على أن الجزائر مصرة على أن حل المشكلات السياسية بين الأعضاء يجب أن يكون تحت مظلة الاتحاد المغاربي حتى يشهد الأعضاء على من يهتم لمستقبل مشروع الوحدة المغاربية ومن يعارض بناء الصرح المغاربي، وفق تأكيده. والمعلوم أن مهمة مجلس وزراء الخارجية تتلخص حسب ميثاق الاتحاد المغاربي "في التحضير لدورات مجلس الرئاسة، والنظر في اقتراحات لجنة المتابعة، واللجان الوزارية المتخصصة، وتنسيق السياسات والمواقف في المنظمات الإقليمية والدولية». إذ يشترط حضور جميع الأعضاء لصحة عقد دورته العادية الاستثنائية، بدعوة من الرئاسة أو بناء على طلب أحد الأعضاء.وكان آخر اجتماع عادي لوزراء خارجية دول المغرب العربي قد عقد عام 2003. ويُشار إلى أن «خذلان» دول عربية للمغرب وامتناعها عن التصويت على ملف احتضان كأس العالم، تتقدمها السعودية والإمارات، قد دفع بنشطاء ومدونين وساسة ونواب في برلمانات الدول الأعضاء في الاتحاد المغاربي المشلول، إلى المطالبة بتقديم ملف ثلاثي تشترك فيه تونسوالجزائر مع المغرب في احتضان بطولة كأس العالم 2030.