المساحات الخضراء تدعم صحة القلب والجهاز التنفسي... تونس «الشروق» رغم ما تمثله الحدائق والمساحات الخضراء من أهمية، فإن التونسي يشتكي غياب مثل هذه الفضاءات التي تمثل متنفسا. ولعل حديقة «البلفيدير» والمنتزه الصحي في المنزه 1، والنحلي، هي من الحدائق القليلة «اللائقة» بضمان حق التونسي في التفسح والفضاءات الصحية. كلما اقتربت عطل نهاية الأسبوع والعطل عموما، يصعب على التونسيين إيجاد حدائق أو متنزهات حيث تتنفس العائلات. أما الأطفال فهم محرومون من مساحات للعب والانطلاق خارج جدران المنازل والشقق. ويبدو غياب الحدائق الخضراء معضلة حقيقية لا سيما لدى الطبقة الفقيرة والوسطى التي لا تجد في غير هذه الفضاءات العمومية فسحة لقضاء أوقات وسط الاخضرار مما يعزز الروابط الأسرية ويقلص من التشنج والضغط النفسي. غياب وإهمال رغم ما تشكله المساحات الخضراء من دور في مقاومة التلوث وتوفير مساحات لترفيه الأفراد والعائلات، إلا أن هذه المساحات شبه غائبة عن المناطق البلدية فيما تشكو حدائق أخرى من الإهمال وتحولها إلى مرتع للسكارى والمنحرفين. كانت وزارة البيئة قد قامت منذ سنوات بجرد لكلّ الفضاءات التي يمكن استغلالها كمنتزهات أو حدائق عمومية. وتوصلت نتائج البحث إلى مشروع لبعث 100 منتزه حضري عمومي. وانطلقت أشغال تهذيب المنتزهات القائمة وبعث منتزهات أخرى سنة 1996. وتهدف هذه المشاريع حسب مصادرنا إلى حماية المناطق الغابية المتاخمة للمدن والمساهمة في تطوير نسبة المناطق الخضراء وتحسين إطار عيش المواطنين بإحداث فضاءات لها طابع يجمع بين البعد البيئي والجمالي والاجتماعي والثقافي للترفيه والتوعية. وتشير المعطيات إلى أنه تم التوصل إلى إنجاز 37 منتزها حضريا منها 12 موجودة بإقليم تونس الكبرى. كما يوجد 17 منتزها وطنيا في عدد من الولايات. هذه الأعداد الهامة للمنتزهات أصبحت عاجزة عن استقطاب التونسيين بسبب الاهمال وتحولها إلى مصبات للفضلات و تجمع للأوساخ. كما عرف معظم الغطاء النباتي في جل المناطق الخضراء الموجودة سواء بالعاصمة أو ببقية الأحياء المجاورة للعاصمة والمدن الأخرى إتلافا وتآكلا وعدم تجديد مما حول المناطق الخضراء إلى مناطق جرداء لا يمكن الجلوس بها. وبالتالي تم حرمان الأطفال بصفة خاصة والعائلات التونسية بصفة عامة من التنزه والاستمتاع بالمناظر الطبيعية التي تلعب دورا هاما في تحسين الوضع النفسي والتخلص من الضغوطات والقلق والتوتر اليومي. وحسب مصدر من الوكالة الوطنيةللمحيط فإن جل المنتزهات الحضرية والمناطق الخضراء في تونس تعرضت بعد جانفي 2011 إلى العديد من الانتهاكات والتخريب والحرق وتقليع الأشجار ونهب التجهيزات، إضافة إلى تلوث الفضاءات وانتشار الأوساخ التي باتت تهدد كثيراً من الفضاءات. وهو ما أدى إلى عزوف أغلب الأسر عن زيارتها. رئة المواطن وصحته يجمع الخبراء في مجال البيئة على أهمية دور المساحات الخضراء والحدائق في لعب دور اجتماعي وترفيهي للمواطن إضافة إلى الدور البيئي لهذه الحدائق. ويتهم الناشطون في المجتمع المدني البلديات بالتقصير في صيانة الحدائق والمساحات الخضراء المحدثة وعدم تولي تأمينها ورعايتها. لكن في المقابل يبدو أن الفوضى التي عاشتها البلاد بعد سنة 2011 جعلت هذه المساحات تتراجع بنسبة قدرتها الجمعيات البيئية بحوالي 32 بالمائة. وكان السيد محمد صالح بن حامد رئيس جمعية حماية البيئة والتنمية المستدامة بتطاوين قد لاحظ خلال حديث له مع «الشروق» أن هناك تراجعا في المساحات الخضراء في تونس منذ سنوات نتيجة الإهمال وغياب المتابعة وفي ظل غياب السياسة الواضحة من البلديات في هذا المجال،إضافة إلى انتشار الأوساخ. وشدد على أهمية هذا المحور في مخطط عمل البلديات وميزانيتها. وهو ما يستدعي ضغط الجمعيات البيئية والمجتمع المدني من أجل دعم المناطق الخضراء في البلاد. ومن جهة أخرى -حسب مصادر مطلعة- فإنه رغم ما يمثله القانون من أهمية في دعم حق التونسي في المساحات الخضراء، إلا أن هناك تلاعبا في احتساب هذه المساحات عند الإنجاز. فغياب تعريف واضح لهذه المساحات سمح بالتلاعب بالعبارة، من خلال أمثلة التهيئة العمرانية. وهو ما جعل الباعثين يدرجون مساحات بيضاء لا يمكن عمليا تعميرها ضمن المساحات الخضراء. كما يتم إدراج مساحات فارغة لا يمكن تحويلها إلى فضاءات مؤهلة لترفيه العائلات ضمن المساحات الخضراء. وتشير مصادر صحية إلى أهمية الحدائق الخضراء في حماية صحة المواطن من أمراض الربو والتنفس ومنع الاكتئاب. ولعل دولا متقدمة مثل فرنسا قد انطلقت في هذا التمشي. وهو ما أشارت إليه صحيفة "لوموند" في مقال لها عنونته ب «السعادة في الحدائق العامة». وأشارت إلى مئات الدراسات التي أظهرت، بطريقة أو بأخرى، أن ثمة علاقة بين انتشار المساحات الخضراء وصحة القلب والرئتين. كما أشار الخبراء الفرنسيون إلى أن زيادة بنسبة 10% للمساحات الخضراء حول المنازل من شأنها أن تمكن فرنسا من توفير 56 مليون يورو سنويا من علاجات الربو، و38 مليون يورو من عقاقير ارتفاع ضغط الدم. عامر الجريدي (خبير في شؤون البيئة) تعديل المناخ اعتبر الدكتور عامر الجريدي أن المساحات الخضراء تمثل عنصرا أساسيا لجمالية المدينة. وأن الحدائق الخضراء تمثل عنصرا هاما من أجل ترفيه العائلات وتوطيد صلة أفراد العائلة إضافة إلى الدور البيئي لهذه الحدائق. وأشار إلى دور المساحات الخضراء في تعديل المناخ والحماية من الغبار وتوفير فضاءات ترفيه للمتساكنين، إضافة إلى مساهمتها في جمالية الفضاء الحضري. وهو ما يجعل منها عنصرا أساسيا في المحافظة على المنظومة البيئية العمرانية، وفي خلق مدن يطيب فيها العيش. وتبقى الحدائق الخضراء عنصرا هاما في التركيبة العمرانية. ومن مشمولات البلديات الأولى الحفاظ على هذه التركيبة من خلال وضع الاستراتيجيات والخطط للتصرف والتهيئة والحماية من وضع الفضلات والإهمال والاعتداءات على مساحاتها وحدائقها الخضراء. 37 هو عدد المنتزهات الحضرية بالجمهورية التونسية 12 عدد المنتزهات الحضرية بإقليم تونس الكبرى 4 مليارات هي الميزانية المرصودة لإعادة تأهيل وتهيئة المناطق الخضراء في تونس 17 عدد المنتزهات الوطنية (المحميات الطبيعية) في تونس ألف و100 هكتار هي مساحة الفضاءات الخضراء في مدينة تونس 15 مترا مربعا من المساحات الخضراء للفرد هي النسبة التي تطمح الدولة الى الوصول إليها