بالتوازي مع تواصل حالة الاحتقان السياسي، أصبحت تسود لدى التونسيين حالة من المخاوف حول امكانية تأثير ذلك على السير العادي للشأن العام في المجال الإداري والاقتصادي والاجتماعي خلال الفترة القادمة.. تونس (الشروق) مازالت الأزمة الدائرة على الساحة السياسية بين مختلف الأطراف تلقي بظلالها على الوضع العام في البلاد، وهو ما دفع بالتونسيين إلى مطالبة السياسيين بضرورة انهاء صراعاتهم في أسرع وقت تفاديا لمزيد تفاقم الاوضاع نحو الأسوا. فمؤشرات الوضع الاقتصادي غير مطمئنة وكذلك مؤشرات الوضع المالي للدولة، والوضع الاجتماعي يثير التململ لدى عدد كبير من التونسيين بسبب غلاء المعيشة وتراجع جودة الخدمات العمومية في مجالات التعليم والصحة والنقل والإدارة وغيرها. وكل ذلك بسبب انشغال الطبقة السياسية، بما في ذلك الاحزاب والاطراف الحاكمة بالصراعات وبحروب التموقع قبل سنة من انتخابات 2019 عوضا عن تقديم المقترحات والحلول البديلة القادرة على اخراج البلاد من هذا الوضع الصعب. حسابات سياسية يعتبر الخبراء والمحللون ان أغلب الأزمات التي أصبحت تمر بها البلاد في المجال الاقتصادي او المالي أو الاجتماعي تقف وراءها محاولات تصفية حسابات سياسية بين مختلف الاطراف. حيث يحاول كل طرف عرقلة الآخر وضربه اعتمادا على تعطيل مصلحة عمومية او مرفق عمومي من أجل إثارة غضب المواطن او الفاعل الاقتصادي. فالصراعات السياسية الدائرة ليست من أجل برامج وأفكار ومشاريع حزبية بل من أجل هزم المنافس بكل الطرق الممكنة حتى وإن كان ذلك على حساب المصلحة الوطنية العليا وهو ما أصبح يتنافى وأخلاقيات العمل السياسي السليم المعمول به في الديمقراطيات الكبرى ويهدد التجربة الانتقالية التي نجحت فيها تونس نسبيا إلى حد الآن. إرباك ومخاوف هذا الوضع السياسي المتقلب أربك الدولة وأضعفها وجعلها غير قادرة على الاصلاح والانقاذ وأحيانا على تأمين بعض متطلبات السير العادي لشؤون البلاد بسبب تغول المخالفين والفاسدين الناشطين في المجال الاقتصادي والتجاري أو في مجال اسداء الخدمات العمومية او المعطلين للإنتاج مقابل ضعف في تطبيق القانون وعدم الصرامة والتشدد مع هؤلاء المخالفين وهو ما شجعهم على مزيد التمادي. كما أصبح كل ذلك يهدد بالتأثير سلبا على صورة البلاد في الخارج خاصة من حيث التصنيفات الدولية والترقيم السيادي في المجالين الاقتصادي والمالي إلى جانب مخاطر افتقاد الأسواق العالمية التي كانت وجهة للصادرات التونسية وايضا مخاطر تعطيل قدوم السياح إلى تونس. وعموما فهو يهدد – في صورة تواصله خلال الفترة القادمة - بامكانية إصابة البلاد بشلل تام في كل المجالات وبمزيد الدفع بالدولة نحو حافة الافلاس وبالمواطن نحو مزيد الاحتقان والغضب وخاصة بمزيد الابتعاد عن الاهتمام بالشان العام وبالتالي عن الممارسة السياسية وعن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة وهو ما يمثل خطرا كبيرا على الديمقراطية.. لذلك ينصح المختصون بضرورة تحلي الطبقة السياسية بمختلف مكوناتها بروح المسؤولية التي منحها إياهم الشعب في الانتخابات الماضية وبان يوقفوا صراعاتهم السياسية التي لا تهدف سوى للفوز بكراسي السلطة وللتموقع الجيد قبيل انتخابات 2019، وبان يلتفتوا إلى المصلحة الوطنية التي أصبحت مهددة بشكل غير مسبوق في ظل ما يصفه البعض بالحروب السياسية المفتوحة على كل الواجهات . فالانتخابات القادمة لا يفصلنا عنها سوى بضعة أشهر والمأمول هو ان تمر هذه الفترة في كنف الهدوء السياسي والاجتماعي حتى يكون الاستعداد الجيد لهذا الاستحقاق الهام وحتى يشاركه فيه كل طرف استنادا إلى ما لديه من افكار وبرامج وتُترك للناخب حرية اختيار الطرف المناسب دون أية تأثيرات.