قدّم نادي المسرح بالسجن المدني بالهوارب من ولاية القيروان، عمله المسرحي "داموس 34" صباح امس الأربعاء بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون بالعاصمة، وذلك ضمن الدورة 20 لأيام قرطاج المسرحية (8 16 ديسمبر 2018) تدور أحداث المسرحية في كهف (داموس) حيث قبع هناك مجموعة من العمال منذ سنة 1934، وذلك جرّاء انهيار مفاجئ للكهف. وبعد سنوات من خروجهم، تقرّر شخصية حسن بدافع الانتقام دعوة من تسبب في انهيار الكهف إلى ذلك المكان بدعوى العثور على كنز ثمين، وهناك تلتقي الشخصيات ويحدث صراع بينهم ينتهي بمقتل عامل وطعن آخر، ثم يلوذ "الشاف" و"الكبران شاف" بالفرار بعد فعلتيْهما. وأثار هذا العمل الذي أخرجه المسرحي الشاب، زياد غنانية، مجموعة من القضايا منها السياسية المتعلّقة بالسلطة والحكم، إلى جانب قضايا كونية متّصلة بالحرية والعدالة، وكذلك قضايا اجتماعية مثل الفقر والتهميش. وللتعبير عن جملة هذه القضايا، اعتمد المخرج جملة من الأساليب الفنية مثل الديكور والملابس وهي عناصر كمّلت رمزية المكان وهو الداموس بدلالاته المختلفة، وهو فضاء مغلق، شديد الضيق، تسوده العتمة، يرمز إلى السجن وتكبيل الحريات. والداموس أيضا بما هو مكان للعمل، يرمز إلى الاستغلال والاضطهاد والطبقية. يُعرّج المخرج في المسرحية على مجموعة من القضايا التي كبّلت الطبقة العامة وجعلتها تابعة للحاكم، منها الإعلام، وقد تمّ التعبير عن هذه الفكرة بجهاز تلفزة خاوٍ من مكوناته الالكترونية، وذلك للدلالة على خواء المشهد الإعلامي من المحتويات الهادفة، وبات عبْءا على المتلقّي بدل أن يكون صوته الحرّ. وفي مسرحية "داموس 34" تظهر الطبقة العامة أيضا حاملة هموم الوطن وأوجاعه، مكبّلة بها. ينتهي صراع الشخصيات بمأساة قتل أحد العمال الأبرياء، لكن مشهد القتل، كان مسبوقا بثورة العمّال على الواقع نتيجة جملة من التراكمات كانعدام الحرية والاستعباد والاستغلال والفقر وغيرها. ويتنزّل إنتاج هذا العمل المسرحي بسجن الهوارب، في إطار مشروع "انطلاقة مودع"، وذلك بدعم من مشروع تفنن تونس الإبداعية. وقد استُهلّ مشروع "انطلاقة مودع" في شهر جوان الماضي، وقدّم 6 ورشات تكوينية في الفنون الدرامية في هذه المؤسسة السجنية. وتولّت الإدارة العامة للسجون والإصلاح وكذلك إدارة أيام قرطاج المسرحية تكريم المودعين الذين قدموا أدوار هذا العمل المسرحي، فتمّ منحهم شهادات تشجيعا لهم على مواصلة دربهم في فن المسرح بعد انقضاء مدّة حبسهم.