بمزيج من بصيص الأمل ومشاعر الاحباط والخيبة يستقبل التونسيون الذكرى الثامنة لثورة الحرية والكرامة، ويبدو مردّ هذا الانقسام الشعبي موضوعيا من خلال ما تحقق في مسار الثورة من مكاسب سياسية بالأساس، وما لم يتحقق من مطالب ذات بعد اجتماعي واقتصادي. تونس- الشروق- : «الشروق» استطلعت اراء عينة متنوعة من شرائح المجتمع التونسي حول تقييمهم لمسار 8 سنوات من الثورة ما ان كانت الخيبة قاسما مشتركا جامعا أم أنّ الامل مازال قائما، فعبرت مجمل التفاعلات عن انقسام في التقييمات يعكس حقيقة تثمين ماتحقق من مكاسب ومطالبات مستمرة بما لم يتحقق بغية حلحلة الوضع الصعب. فتحي العويني (تاجر ملابس) بصيص من الأمل تدهورت المقدرة الشرائية بشكل كبير عما كانت عليه قبل الثورة وبلغنا مرحلة ضنك العيش، هكذا لخص فتحي العويني (تاجر ملابس) مسار 8 سنوات من الثورة من منطلق عيشه اليومي مضيفا بأن القطاع الذي ينشط فيه تضرر كثيرا على امتداد هذه السنوات نتيجة تراجع قيمة الدينار الذي يؤثر بشكل مستمر في حجم المبيعات. وخلص محدثنا الى الاوضاع الامنية والاقتصادية والاجتماعية في تدهور ، وأن عموم المواطنين الذين يلتقيهم فقدوا الثقة في النخبة السياسية المنتشغلة بالتجاذبات السياسية مستدركا بالقول:» لكن يبقى بصيص من الامل لما بعد الانتخابات التشريعية و الرئاسية». آمنة الحمزاوي (صحفية) : «تونس بعد الثورة خير» وتقول آمنة الحمزاوي (صحفية) أنا من المتبنين لمقولة «تونس بعد الثورة خير» فرغم ما تعيشه بلادنا من صعوبات اقتصادية وسياسية على امتداد الثماني سنوات الاخيرة والتي انعكست بشكل مباشر على حياتنا اليومية وخاصّة في ما يتعلق بتنامي خطر الارهاب وغلاء الاسعار وفقدان بعض المواد الاساسية، إلا انني أعتبر أن ما حققته بلادنا بعد الثورة من أشواط هامة في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات يعتبر نموذجيا. واعتبرت الحمزاوي أنه بالمقارنة مع الدول العربية التي لاتزال ترزح تحت أنظمة دكتاتورية تقمعها وتسلبها حقوقها، فلا يمكن اعتبار ما حققناه كافيا غير أنه ليس مخيبا للآمال بل هو في رأيها دافع للعمل والمثابرة والنهوض ببلادنا لتحقيق غد أفضل لنا ولأبنائنا. حاتم المعموري (صاحب مشروع): حلم قائم ويعود بنا حاتم المعموري ( صاحب مشروع) الى الآمال الحالمة ابان اندلاع الثورة قائلا:»تاريخ يعيد الخيال لحلم كان عنوانه « تونس بعد الظلام «، حلم بناء الوطن بمؤسساته وهياكله وساسته وشعبه، يساهم فيه الجميع، دون تجاذبات ولا صراعات ولا علويّة أحد على أحد، إلا الراية والوطن،،، كان حلما قطعته الكوابيس» واعتبر حاتم المعموري ان مسار سنوات الثورة، سلسلة من كوابيس الأيديولوجيات المقيتة والصراعات البغيضة والنفوس المريضة قائلا:» هذا يريدك يا وطني إسلاميا متطرّفا وآخر يدفعك أن تكون مقلّدا أعمى لهويّة غير هويّتنا، وعلى هذا النحو لا هم أسسوا وطنا ،ولا هم بنو جيلا» وتابع متسائلا: «فهل يا 14 جانفي ،تكون يوما نرى فيك حلما أردناه ؟!!!» المنصف بوذراع ( استاذ): لا بدّ من الصبر والعمل وشدد المنصف بوذراع ( استاذ تعليم ثانوي)، أن «ثورة الياسمين» كما يحلو للبعض تسميتها هي في تقديره لم تبلغ حد الثورة،ولا يمكن ان يطلق عليها اصلا اسم ثورة بل ربما انتفاضة أو هبّة شعبية انتهت بخروج رأس النظام وبقاء النظام قائما. ولخص المنصف بوذراع حصيلة سنوات الثورة بحدوث جملة من التغييرات على غرار حرية التعبير وتنوع وسائل الاعلام وكثرة الأحزاب والجمعيات الا ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني شهد تدهورا واضحا، ويعود ذلك في رأيه الى عدة اسباب منها الازمة الاقتصادية العالمية التي القت بظلالها على عدة بلدان. كما شدد محدثنا الى عدم صواب النظرة الاحادية الى المسار الذي تلا 2011 قائلا :» هذا المسار فيه الايجابي وفيه السلبي، ومن وجهة نظري لا بد من الصبر والانتظار والعمل والمحافظة على الحرية التي اتت بها الثورة لاننا اذا فقدنا الحرية فقد فقدنا كل شيء وتحولنا الى عبيد». كريم بورزمة (عامل):خيبة واحباط واعتبر كريم بوزمة ( عامل وناشط سياسي) في البدء أن مصطلح ثورة مغالطة و مسرحية سيئة الإخراج معتبرا أن الشيء الوحيد الذي تحقق في رأيه هو « حرية التعبير بعد الانقلاب على بن علي «مضيفا بالقول :» حتى اذا ما اردنا اقناع انفسنا انها ثورة سنصاب بحالة إحباط كلي وفي جميع المستويات وعلى جميع الاصعدة اولها نزول الدينار الى ادنى مستوياته بالمقارنة مع 2010، وارتفاع نسبة التداين وارتفاع نسبة التضخم وعزوف المستثمرين عن الاستثمار وخروج الكثير منهم الى المغرب ،،، حتى ان معدل التنمية مضحك للغاية» ويلخص محدثنا سنوات الثورة في تكالب من ليس لهم خبرة على السلطة ليجني الشعب ثمار فشلهم وفشل الخطاب السياسي المتدني الذي زاد في نسبة العزوف على الانتخابات، كما أن الامن الغذائي في رأيه اصبح في مهب الريح نتيجة ارتفاع الاسعار لمستويات غير معقولة بالمرة وبروز بارونات تهريب ترتع في البلاد بلا حسيب و لا رقيب زد عليها محاولة اضعاف الدولة و تدني مستوى التعليم و عدم قدرة الحكومات المتعاقبة على المرور بتونس الى بر الامان. كما اعتبر كريم بورزمة ان ماتعيشه تونس اليوم من ارتفاع لمستوى الجريمة وانتشار أنواع خطيرة من المخدرات و ارباك للمؤسسة الامنية وغيرها مؤشرات سلبية تدفع نحو الخيبة والاحباط. ايمان رابعي (عاملة بمؤسسة خاصة): خيبة أمل وبدورها قالت ايمان رابعي ( عاملة بمؤسسة خاصة) :» نعم اشعر بخيبة أمل» وارجعت ذلك الى الغموض الذي يلف المشهد العام بالبلاد وبشكل خاص الوضعين الاقتصادي والسياسي حيث أن الصراعات السياسية في تفاقم مستمر من دون ان ترسي معها البلاد على حالة استقرار دائم فيما يظل الوضع الاقتصادي يراوح مكانه بين صعوبات فقدان المواد الاساسية و التقدم الطفيف وغير الملموس في مؤشرات التنمية. فتحي الساحلي (بائع خضر وغلال): الطبقة السياسية فشلت من جهته اكد فتحي الساحلي (بائع خضر ) انه رغم مرور 8 سنوات على الثورة الا ان المواطن مازال يعاني من عدة صعوبات اولها ارتفاع الاسعار في كل المواد وكذلك وجود غياب لبعض المواد الاساسية .واشار الساحلي الى ان قطاع بيع الخضر مثلا يشهد عدة مشاكل ابرزها الاحتكار لدى بعض باعة الجملة كذلك ارتفاع قيمة الأداءات. وقال ان المواطن البسيط لم يعد قادرا على توفير قوته وقوت صغاره في ضل الارتفاع المشط للأسعار، كما اعتبر الساحلي ان كل الطبقة السياسية فشلت في ايجاد حلول جذرية لمشاكل المواطن البسيط وتتحمل مسؤوليتها في هذا الوضع الذي وصلت اليه البلاد معبرا عن امله في ان تشهد السنة الجارية انفراجا في الأزمات التي تمر بها البلاد . عماد الحيدوري (موظف): المستقبل للمشروع الديمقراطي في المقابل كانت نبرة التفاؤل بارزة في كلام عماد الحيدوري ( موظف) والذي حدثنا بشكل مقتضب عن مشاركته كمواطن في محطات بارزة من الثورة من خلال اعتصامات القصبة ومسيرة السير على الأقدام من ولاية سيدي بوزيد الى تونس وتابع بالقول :» رغم كل الصعوبات التي واجهتها ويواجهها جل التونسيين فلا يمكن ان نسب الثورة التي خلصتنا من الديكتاتورية وفتحت لنا ابواب الحلم» واعتبر الحيدوري أن الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية هي حصيلة تراكمات من السياسات الخاطئة لا حل لها اليوم سوى العمل ومضاعفة الجهود والحفاظ على منسوب الامل عاليا لان المستقبل للمشروع الديمقراطي الذي سيحقق يوما نتائجه المأمولة والتي من خلالها يمكن خلق الثورة والاستجابة إلى المطلب الرئيسي المتعلق بالعدالة الاجتماعية وتحقيق الرفاه للشعب التونسي. كريم الخميري (موظف): لن نسلم وسننتصر لتونس ويعتقد كريم الخميري (موظف) أن ما شهدناه في تونس كبقية دول الربيع العربي يصطلح ادراجه ضمن «المؤامرات العبرية»، فهو حالة من الفلتان الأمني وبروز العصابات والميليشيات المسلحة والانتهازية السياسية. وتابع الخميري ساخرا:»مكاسب الثماني سنوات للشعب والشباب التونسي لا تحصى ولا تعد ومن اهمها اكثر من 7 الاف شاب تونسي في بؤر التوتر، شباب تونسي بالآلاف اكله حوت البحر عبر الهجرة السرية (الحرقة) وكذلك هجرة الادمغة، وماتبقى من شبابنا مغيب ومخدر بكل انواع المخدرات او قابع في السجون « ورغم هذه الحصيلة السلبية التي تضمنت ايضا فقدان المواد الاساسية و السقوط المدوي للدينار وانحدار المقدرة الشرائية ووجود طبقة سياسية متعفنة وجو سياسي مظلم دافع نحو الاحباط والياس والفشل يشدد محدثنا على ان الامل ما يزال قائما وعبر عن ذلك بالقول: « و مهما جرى لن نسلم وسننتصر لتونس.