تؤكد الإحصائيات أن تونس تحتل المركز الثاني عربيا في هجرة الأدمغة والكفاءات. ففي الوقت الذي ينشغل فيه رئيس الجمهورية بخلافه مع رئيس الحكومة وفي الوقت الذي تهتم به الأحزاب الحاكمة بالإعداد لحملتها الانتخابية القادمة هاجر أكثر من 95 ألف طبيب ومهندس وجامعي تونسي في سنة 2017 وحدها. مر هذا الرقم الذي تداولته وسائل إعلام عالمية ومراكز بحوث ودراسات دون أن يهتم به أحد من المسؤولين التونسيين وأصحاب القرار... ومن بين الذين غادروا تونس أكثر من 8 آلاف جامعي من بينهم أكثر من أربعة آلاف باحث الى جانب آلاف الأطباء والمهندسين أغلبهم من الشباب والمتخرجين الجدد من الجامعات التونسية العمومية التي يمولها الشعب التونسي من عرقه وماله وجهده. الإحصائيات تؤكد أن أكثر من 80 بالمائة من الكفاءات التونسية المهاجرة اختارت أوروبا للاستقرار والعمل. منهم أكثر من 30 بالمائة اختاروا فرنسا كبلد جديد للاستقرار والعمل. ومن أهم أسباب هذا الهروب انعدام فرص العمل وعدم الاهتمام بالبحث العلمي وتدني الأجور والعجز عن تحقيق الاستقرار المهني وعجز الدولة عن توفير المرافق الضرورية في المدن والولايات الداخلية. الظروف الصعبة التي تعيشها تونس في السنوات الأخيرة كانت سببا مباشرا في جعل آلاف الجامعيين والأطباء والعلماء يغادرون تونس حتى أن الكثير منهم فقد الأمل في تحسن الأوضاع واستقرارها... لكن الحكومة الآن مطالبة بالتدخل ووضع برنامج إنقاذ واضح وجلي وإيقاف نزيف هجرة الكفاءات التونسية. اهتمام السياسيين في تونس بالمعارك الانتخابية والخلافات والصراعات من أجل السلطة والحكم جعلهم لا يهتمون بهذا الملف الذي يعتبر من أهم الملفات الواجب طرحها وتناولها وحلها وإلا فإن تونس سوف تكون في السنوات القليلة القادمة دون أطباء ومهندسين وعلماء وجامعيين. من العار أن تكون مستشفياتنا دون أطباء في حين أن آلاف الأطباء التونسيين المتخرجين من الجامعات التونسية يعملون في مستشفيات فرنسا وألمانيا وكندا بعد أن أنفق الشعب التونسي على تدريسهم وتكوينهم. الدولة مطالبة بالتدخل وأن لا تكتفي بالفرجة وعلى من يحكم تونس اليوم أن يدرك أنه يتحمل وزر هذه الكارثة. وان الأجيال القادمة لن تغفر له ذلك.