غني بالفكر متشبع بالسياسة ذو شخصية قوية ومندفعة ثري ومقنع ويعشق فكرة الوحدة المغاربية حد النخاع فألف كتابه الشهير «المغرب العربي الكبير نداء المستقبل»... هكذا كان الراحل مصطفى الفيلالي كما وصفه البعض ممن عرفوه عن قرب. تونس (الشروق) رحل المناضل والنقابي والسياسي والمثقف التونسي مصطفى الفيلالي يوم الأحد 19 جانفي 2019 عن عمر ناهز 97 عاما ، والفيلالي هو رجل سياسة ونقابة وثقافة بامتياز عايش فترات متنوعة من تونس قبل وبعد الاستقلال وصفوه من عاصروه بالرجل الذي تنوعت خبراته وتعددت مواقع فعله وشهدت كثير من المنابر الفكرية والثقافية على حضوره الفكري المتميز فكان محاورا لبقا ومجتهدا لمد جسور التواصل ... شغل عدّة مناصب سياسية وآخر تاريخ له مع السياسة كان عندما تم اقتراحه سنة 2013 لتولي رئاسة الحكومة التونسية، خلال الحوار الوطني برعاية اتّحاد الشغل التونسي ومنظمة الأعراف والهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلا انّه رفض ذلك بسبب وضعه الصحّي ... لكن وضع مصطفى الفيلالي الصحي لم يمنعه من الكتابة فأصدر سنة 2015 روايته «ام حامد» وله ايضا عديد المؤلفات الأخرى التي اختلفت مضامينها على غرار «مانعة من أيام قرية الجبل» سنة 2004 و«مجتمع العمل» سنة 2006 و«موائد الإنشراح» 2010 واختار الفيلالي لهذا الكتاب غلافا يحمل صورة الزعيم الحبيب بورقيبة. وللراحل مصطفى الفيلالي محطات هامة في حياته السياسية والنقابية والثقافية فهو أول من تولى حقيبة الفلاحة بعد الاستقلال فساهم في تونسة الاراضي واتخذ قرار إلغاء نظام الأحباس ..وانتخب الفيلالي سنة 1956 عضوًا في المجلس القومي التأسيسي، الذي تولّى صياغة دستور الجمهورية التونسية المستقلة حديثًا عن فرنسا. وقبل هذا التاريخ درس الفيلالي في مدرسة الصادقية ثم في جامعة السوربون بفرنسا، حيث تحصّل على الأستاذية في الآداب العربية وبعد عودته الى تونس درّس كأستاذ آداب وفلسفة بالمدارس الثانوية، كما نشط في الاتحاد العام التونسي للشغل وساهم في صياغة البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للاتحاد الذي وقع اعتماده في مؤتمر الحزب الحر الدستوري الجديد في نوفمبر 1955 بصفاقس. وكلف بحقيبة الاخبار من غرة أكتوبر 1957 إلى 30 ديسمبر 1958 ليغادر الحكومة بعدها. وبين أكتوبر 1971 وأكتوبر 1972 شغل مصطفى الفيلالي منصب مدير الحزب الاشتراكي الدستوري، كما انتخب أيضا عضوا في المجلس القومي التأسيسي عام 1956 عن دائرة القيروان مكان ولادته.كما انتخب في مجلس الأمة بين 1959 و1964 اما على الصعيد الدولي شغل مديرا لمكتب المغرب العربي لمنظمة العمل الدولية بالجزائر وعضوا في مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية. كثيرون أثنوا على فصاحة وقدرة الفيلالي على الإقناع ومن الذين عرفوه عن قرب الأستاذ الجامعي والإعلامي صلاح الدين الدريدي وكان قد أجرى له حوارا في جريدة «لاكسيون» سنة 1981 يقول عنه الدريدي «رجل سياسة بامتياز ... رجل ثقافة وبليغ يتكلم اللغة العربية يتقنها جيدا ويعشقها. تربى على فكرة المغرب العربي ونشأ فيها فآمن بها وساهم في فكرة بناء الاتحاد المغاربي ومثل تونس في اللجنة المغاربية وعمل جاهدا مع مجموعة من المناضلين على تأسيس وحدة المغرب العربي لكن المشروع لم يكتمل ... مصطفى الفيلالي لم تنصفه السياسة فغادرها مبكرا ...» وانتهت رحلة مصطفى الفيلالي النقابية والسياسية والثقافية في التاسع عشر من جانفي 2019 بعد ان عايش محطات مختلفة من تونس قديما وحديثا.