القذافي يطارد ساركوزي في سجنه.. تهديدات بالقتل من مساجين    إدانات لمصادقة الكنيست على مشروع ضم الضفة    بهدوء .. كائن رماديّ    أَحْلَامٌ مَعْتُوهَة    غرق مركبهم قبالة سواحل سلقطة .. إنقاذ 30 «حارقا» إفريقيّا وانتشال 40 جثة بينهم أطفال ونساء    بعد العثور على جثّة شاب خلف مستشفى بالمرسى...براكاج وراء الجريمة، القبض على القاتل وملاحقة 4 متورّطين    مهرجان «المّيلة» في دورته الثانية .. تثمين للموروث الغذائي، وتعزيز للسّياحة المُستدامة    في حفل لأول مرّة بحمام سوسة .. .غازي العيادي أبدع وأقنع    تطاوين : إدخال المناطق السقوية في إنتاج الأعلاف الخضراء خطوة ضرورية لتجاوز أزمة الأعلاف (رئيس الإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري)    عجز في كميات الأمطار خلال شهر سبتمبر الماضي    مع الشروق : المصالحة المغاربية... أولويّة مطلقة    تعزيز التعاون الاقتصادي والتّجاري التّونسي اللّيبي أبرز محاور لقاء رئيسة الحكومة بوزير الاقتصاد والتجارة الليبي    حقل البرمة: نحو حفر 10 ابار جديدة لإنتاج النفط والغاز    عاجل/ سقوط تلميذ من حافلة وإحالته الى الانعاش..    حالات اختناق جديدة في قابس: نقل 13 تلميذا الى المستشفى    دراسة تكشف أمراضا خطيرة وغير متوقعة تسبّبها أدوية الاكتئاب    طقس الليلة..كيفاش باش يكون؟    الرابطة الثانية: فوز تقدم ساقية الداير على أمل بوشمة 2 - 0    خبير بيئي يكشف عنّ الحلّ الوحيد والفعلي لإنهاء التلوّث في قابس    بن عروس : 25 عرضا ضمن برنامج المهرجان الاقليمي لنوادي المسرح ببن عروس    بورصة تونس تنهي حصّة الإربعاء على منحى إيجابي    الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة تُطلق طلب عروض لإعداد خطة استراتيجية للاستخدام الرشيد للطاقة في أفق 2035    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    عاجل: زلزال بقوة 4.5 درجات يضرب هذه الجزيرة    لكل تونسي: صغيرك مش مركّز وطاقة استيعابه ضعيفة؟ هذه أهمّ الأسباب    فحوصات العين تكشف مخاطر القلب قبل ظهور الأعراض!    عاجل/ الى جانب المنتخب الوطني: 3 تونسيين مرشّحين لجوائز ال"كاف" 2025    إتحاد الفلاحة يقترح دعم زيت الزيتون عوض الزيوت النباتية.. #خبر_عاجل    عاجل/ غرق مركب "حرقة" في المهدية.. وحصيلة مُفزعة للقتلى    عاجل: 15% من قضايا التحاليل المالية في تونس تعلّقت ب''القمار''    كأس العالم للاصاغر: قائمة المدعوين للمنتخب الوطني التونسي    سيدي بوزيد: تدخل طبي نوعي لمعالجة تعفن حاد بالمرارة دون اللجوء إلى جراحة    إلغاء مباراة برشلونة و الريال في ميامي...علاش ؟    عروض سينمائية وموسيقية فرجوية متنوعة في الدورة الثانية من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء    تعرض متحف آخر في فرنسا للسرقة بعد ساعات قليلة من سرقة متحف اللوفر    تونس تصنع الحدث.. ضمن أفضل 25 وجهة عالمية في 2026    سليانة: 100 تلميذ وتلميذة سجلوا بالمعهد الجهوي للموسيقي و الرقص خلال السنة الدراسية الجارية (مدير المعهد)    مدنين: تنظيم الدورة الثامنة لمهرجان "الغربوز" ببني خداش من 27 الى 31 اكتوبر    رئاسة الحكومة: نحن بصدد مراجعة القوانين لفائدة موظّفي هيئة مكافحة الفساد    عاجل-التفاصيل الكاملة لجريمة بنغازي: 7 أطفال ووالدهم ضحايا القتل    عاجل: وزارة الداخلية تعلن عن مناظرة خارجية ..هذه تفاصيلها    عاجل: فضل شاكر في مواجهة القضاء اليوم.. تفاصيل المحاكمة المثيرة!    قضية عبير موسي: هيئة الدفاع تكشف عن تطورات جديدة..#خبر_عاجل    الأشقاء يبقون أشقاءً: هكذا علّق قيس سعيد على الجدل بين تونس والمغرب حول التمور    عاجل: دعوة لدعم زيت الزيتون للتونسيين    ولاية تونس تعلن عن القائمات النهائية للمترشحين المقبولين للحصول على رخصة تاكسي فردي    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة الملعب التونسي    الرابطة الأولى: تشكيلة الترجي الجرجيسي في مواجهة الترجي الرياضي    تونس ضمن أفضل 25 وجهة سياحية في العالم لسنة 2026    عاجل/ بلاغ هام للترجي الرياضي التونسي..    دورة التحدي بريست بفرنسا للتنس: التوسي معز الشرقي يغادر من الدور السادس عشر    عاجل/ اصطدام عربتي المترو 5 و3: الكشف عن أسباب الحادث..    هل تريد يومًا منتجًا؟ لا تفعل هذه الأشياء الخمس عند الاستيقاظ    العدل الدولية تُصدر اليوم حكماً في قانونية منع إدخال المساعدات للقطاع    قيس سعيد: بلاغ استثناء المغرب من تصدير التمور غير مسؤول يقتضي الواجب مساءلة صاحبه    الكونغرس يلاحق بيل كلينتون في قضية إبستين المثيرة!    يوم الخميس مفتتح شهر جمادى الأولى 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    عاجل: مفتي الجمهورية: الخميس 23 أكتوبر أول أيام شهر جمادى الأولى 1447 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في... ثرثرة أنثى لوداد الحبيب ..لغة القص عند الكاتبة : 3/3
نشر في الشروق يوم 31 - 01 - 2019

ولا يفوتني في هذه القراءة أن أعرج على الإشارة إلى اللغة التي تم توظيفها في هذه المجموعة القصصية ، باعتبارها جانبا يتوقف عليه نجاح أو فشل الكاتب في احتوائه للقارئ الذي لا يبحث عن سماع الأحداث لأنه يعيشها يوميا في حياته العادية، وإنما يبحث عن مواطن الجمال في طرق نقل هذه الأحداث، فكانت اللغة هي الفيصل الحاسم لتحقيق متعة القارئ ولذة القراءة، أن تدغدغ فكره وتخلخل شعوره وأن لا تعطيه المعاني الجاهزة.
ولعمري إن الإبداع يكمن أساسا في هذا الجانب اللغوي، فأغلب النقاد يتفقون على أن لغة السرد لا تقل أهمية عن لغة الشّعر من حيث طرق التركيب والإسناد والبحث عن التّعابير الجديدة التي لا تقتل الإدهاش والغرابة في نفس القارئ، أقصد بذلك أن لغة الإبداع تختلف عن لغة التّواصل العادية التي يستهدف منها توصيل معلومات وأخبار لهذا المتلقّي ، لهذا كان التكثيف والاقتصاد في اللغة من أبرز سمات جماليات النص السّردي خصوصا القصير منه، ولا مجال لإطناب او إسهاب أو ترهل أو زيادة لا تخدم السرد، فجاءت لغة السرد انزياحية فيها بلاغة غموض مكسرة للمألوف ومتجاوزة للنّمطي.
وظفت الكاتبة لغة لا تنحو منحى الغرابة التي قد تخلق للقارئ بعض التوقفات من أجل الاستفسار والتأويل، لان هذه اللغة سهلة بسيطة وسلسة وطرية الجريان لكنها ممتعة ورشيقة دون انزلاق نحو التكلف والافتتنان الوهمي , أحبتها جميلة وهادئة وبعيدة عن كل رطانة أو ابتذال، تقود القارئ بلطف نحو الهدف الذي تبتغيه من وراء القصة.
فقد وظفت عديد الجماليات اللغوية واحترفت أدوات التّركيب الذي يخلق هذا النوع من المجازات والاستعارات والتشابيه،مستعينة بمفاهيم بلاغية أتقنت توظيفها' بلغة تداخل فيها الشعر بالسّرد' من مجاز واستعارة ودفء العبارة ومخيال خصب التّوالد «سأسكر بألمي وامضي نحو الشروق او نحو الغروب سأشيد جسورا وقصورا وأتغنى وان بالسراب» ص 19.
لكل ذلك أعتقد أن كل كاتب يسعى لامتلاك مشروع جمالي ونظري لكتابة القصة القصيرة .. والقاصة هنا تعي ببساطة أن الكتابة ليست عملية تقنية فحسب، وإنما هي – أو هكذا يفترض- مؤطرة بوعي جمالي وخلفية ثقافية، تساهمان في منح النص القصصي بريقه الجمالي وعمقه الدلالي..
شخصيا اعتقد جازما إن الكاتبة « وداد الحبيب» منشغلة إلى أبعد الحدود بإكساب نصوصها لهاتين الصفتين.. وفي رأيي لن يتحقق ذلك إلا من خلال تخليص النصوص من كل الزوائد، وترويض اللغة كجسد مجاوز للزمان والمكان , ومهارة استعمال القاموس لخدمة البناء والرؤيا، والاشتغال على التكثيف والإيجاز والخيال...
و لعمري فإن القصة القصيرة الحديثة واعدة في هذا المجال.. فهي لا يتسع صدرها للحذلقة اللغوية أو المشاهد المجانية, بل للهدوء والجمال والإيغال في الحفر داخل المتن ' الحدث ' الوقائع بكل عمق وتركيز.
وهو ما اعتقده محببا للخروج من النمطية والتعبير المباشر الذي يقتل الحدث والإبداع ويخنق الغرابة والإدهاش في النص، ولعل هذا النوع من التوظيف يضيف مسحة خاصة على كيفيّة السرد ونقل الأحداث، تجعل القارئ يردّد صدى المقروء ويتفاعل معه ويستسيغه ويستوعبه ، فلا غموض حدّ الانغلاق ولا مباشرة حدّ الملل، وأحسب أن خير الأشياء أوسطها .
على سبيل الخاتمة
استطاعت هذه المجموعة أن تراوح بين «الإمتاع والمؤانسة» والجمع بين صوت الذات بروح أنثوية خالصة ومجاوزة للمسكوت عنه في أبعاده الإنسانية والاجتماعية فكانت الثورة والخسارة والصّدمة والأمل والخيبة والحياة كل ذلك جاء بأصوات عدة لحنجرة واحدة بقوّة مقصودة ساعية إلى أن تأسر القارئ وتدعوه للاستمتاع الباذخ والمثير وتغريه في ذات الوقت بالتّمحيص في أبعاد هذا المنجز النّصيّ البكر.
واني ازعم أن الكاتبة وبما أنها تدخل عالم السّرد بهذه الطّريقة، ستوفّق في قادم تجاربها وستنتج نصوصا غاية في الروعة والجمال والحداثة ، وحتما بعاملي الدربة والتجربة ستغوص في عالم الشّخصية الغرائبية التي تخلق شهوة القراءة وتحقق لذّة السّرد .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.