بعد خمس سنوات عاد المسرحي أنور الشٌعٌافي الى المسرح الوطني ليس كمدير بل كمخرج في أوٌل تجربة له مع المسرح الوطني الذي غادره سنة 2014 بعد تجربة عامين في الإدارة. تونس - الشروق. قبل ثلاثين عاما تقريبا قدّم أنور الشّعافي في المعهد العالي للفن الرٌابع مشروع تخرٌجه وكان هذا المشروع أنطلاقا من مسرحية الشريط الأخير لصموئيل بيكيت وهي من بين الأعمال التي قدٌمها عدد كبير من المسرحيين بكل لغات العالم ويعتبر الشريط الأخير من أهم أعمال الكاتب الإيرلندي الحائز على نوبل صموئيل بيكيت الى جانب نهاية اللعبة وفي انتظار غودو وهما من أبرز أعمال مسرح العبث واللامعقول . اللامعنى رجل سبعيني يتسلى بالاستماع الى ذكرياته عبر شريط صوتي كان ضمنه مذكراته وراء مكتب مكتظ بأشرطة الفيديو مستعرضا حياته التي تناثرت مثل هباء ، لحظات الصبا والشباب والطموح والحب والانكسار ومن حين لاخر يلتفت الى شاشة نرى فيها أنور الشعافي مخرج العمل نفسه ورغم أن هذا العمل في الأصل هو مونودراما وتم تقديمه في مناسبات سابقة كمونودراما الممثل الواحد إلا أن الشٌعٌافي أختار مقاربة أخرى بالجمع بين رضا بوقديدة ومنى التلمودي التي تمثٌل الطيف الذي يحضر من حين لاخر في حياة العجوز الذي يواجه العزلة والنسيان والاحساس الحاد بعبثية الحياة وانعدام جدواها . وفي المسرحية نسيج شعري سواء في تركيبة شخصية العجوز أو في السخرية السوداء من لا جدوى الحياة وتحوٌل الأحلام الى رماد وشعور حاد بأن كل شيء لا قيمة ولا معنى له بالنسبة لعجوز ينتظر الموت ويداوي جراحه بالنبيذ والادمان والإنصات لصوته القديم يأتي من اسطوانة التسجيل . تجربة جديدة منذ أن قدٌم عمله الأوٌل في مدنين في إطار جمعية مسرح التجريب في صائفة 1990 اختار الشٌعٌافي التجريب فخاض تجارب في مسرح الميم وحتى عندما تعامل مع نصوص كلاسيكية مثل أولا تكون تعامل معها من منطلق التجريب وفي هذه التجربة يعود للربرتوار العالمي باختيار بيكيت وهو الأكثر تعبيرا اليوم عن الفجيعة الكبرى التي يعيشها الكائن الانساني في ثقافة الاستهلاك والحروب العبثية والفقر والمنفى وتشريد الشعوب . فهوامش على شريط الذاكرة وإن كانت متعلقة بتاريخ الفرد إلا أنٌها تنسحب على المجتمعات التي فقدت بوصلتها في هذا العبث اللامتناهي الذي يغرق فيه العالم .