أعلن أمس سليم العزابي المنسق العام لحركة "تحيا تونس" عن إطلاق مشاورات لمسار توحيدي مع حزب المبادرة وحركة مشروع تونس وحزب البديل وجزء من العائلة الدستوريّة. دونما شكّ، فإنّ هذا التصريح على غاية من الأهميّة على اعتبار حاجة المشهد الحزبي الى مكافحة واقع التشتّت وتعدّد الأحزاب والتي بلغت في بلادنا ال 216 حزبا، وهو تشتّت معيق للحياة الوطنية وتحقيق أسس صلبة تسمحُ باستمرارية التجربة الديمقراطيّة وتحقيق أبرز شروطها في ضرورة وجود كيانات حزبيّة قويّة ذات قاعدة شعبية واسعة قادرة على تأمين التداول السلمي على السلطة وتحقيق التوازنات السياسية المطلوبة. وقبل العزابي، كان المكتب التنفيذي لنداء تونس، بتركيبته القديمة، قد أطلق هو ايضا مبادرة بهدف لم شمل الندائيين، كما أعلنت الهيئة السياسية لحزب تونس إلى الأمام الذي يرأسه عبيد البريكي عن توجّه لاندماج أربعة أحزاب بمناسبة مؤتمر الحزب القادم. كما كان مقترح العتبة في مشروع تعديل القانون الانتخابي، في جانب منه، يهدف الى تجاوز معضلة التشتّت وهيكلة التمثيل الشعبي في السلطة التشريعيّة ما بعد انتخابات 2019. هذه المبادرات تعكسُ تجاوز حالة الوعي بخطورة التشتّت، والتي هي محل إجماع واسع، إلى مرحلة الفعل الميداني والانطلاق العملي في تجميع القوى المتقاربة فكريا وسياسيا في هياكل وازنة تُساهم في تأطير الممارسة الحزبيّة وتضمن تعدديّة كافية لتمثيل مختلف التوجّهات والعائلات الكبرى التي يعيشها التونسيّون. خطوات التوحيد ولمّ الشمل صعبة وعسيرة، فهي تستدعي التخلّي الواعي والطوعي عن صراع الزعامة وتوفّر إرادة صادقة للقبول بالبرنامج الواحد والعمل المشترك ووضع خدمة المصلحة الوطنية فوق كلّ اعتبار. ولكن الخوف، أن تكون مجموع هذه المبادرات ذات غاية آنيّة وظرفيّة وذات خلفيّة انتخابيّة لا غير، لذا لا بدّ من توفّر ما يضمن استمراريّة مشاريع لم الشمل والتوحيد وتشكيلها على قواعد صلبة بعيدا عن الانتهازيّة الانتخابيّة وحروب التموقع ودون تعويل على لوبيات المال الفاسد والمصالح الضيّقة. لا بدّ من فكرة جامعة وروح مسؤوليّة عالية وقبل ذلك كلّه لا بدّ من المصداقيّة والثقة.