تعتبر السياحة العلاجية في تونس قطاعا حيويا يدعم الاقتصاد الوطني بمصادر جيدة للأموال من الخارج. ويخلق فرص عمل. ويحفز النشاط الاقتصادي ، لأنه أصبح يمثل رافدا هاما للسياحة التقليدية. فما هو واقع السياحة العلاجية في تونس وماهي إشكالياتها وآفاقها المستقبلية؟ تونس «الشروق»: تصنف تونس ضمن الوجهات المميزة في مجال السياحة العلاجية الاستشفائية.حيث تتميز بمناخ متوسطي ومناظر وثروات طبيعية يجعلها وجهة مميزة ومقصدا للراغبين في السياحة والاستشفاء، زيادة على وفرة مياه البحر والمياه المعدنية والأعشاب والطحالب التي تكون أساسا للعلاج. وهو ما يجعل السياحة الاستشفائية في تونس تشهد إقبالا متزايدا سنة بعد أخرى. كما بدأت تظهر في الأعوام الأخيرة المراكز العلاجية المتطورة مدفوعة بالدراسات التي يعدها خبراء مختصون في العلاج بالمياه المعدنية ومياه البحر والمياه الحارة التي اشتهرت بفوائد علاجية هامة. فهناك أربع محطات استشفائية، في شمال البلاد وجنوبها ، تستغل 50 مركز علاج بالمياه الطبيعية و30 حماما تقليديا ، وأكثر من 60 مركزاً للمعالجة بمياه البحر، و18 نبعاً جوفياً حاراً. كما نجد في تونس 50 مركز نقاهة. ولكل محطة استشفائية، اختصاصاتها العلاجية بناء على التركيبة الفيزيوكيميائية لمياهها. و100 مصحة توفر العلاج للسياحة, 20 بالمائة منها فقط تشتغل دون مشاكل وصعوبات . وتتمركز هذه المصحات بنسبة 40 % في العاصمة و10 % في الوطن القبلي وحوالي 15 % في صفاقس والبقية موجودة في بقية ولايات الجمهورية. ومن جهة أخرى تناهز عائدات السياحة العلاجية في تونس 1200 مليار سنويا أي بنسبة 45 % من العائدات الجملية للسياحة التونسية, بفضل استقطاب حوالي 500 ألف سائح في السنة. وجهة مميزة تستقطب السياحة العلاجية في تونس آلاف السياح من مختلف أنحاء العالم. وأغلبهم من أوروبا التي تعتبر السوق التقليدية للسياحة العلاجية والطبية في تونس. وتحتلّ المرتبة الثانية عالميا بعد فرنسا في مجال السياحة الاستشفائية. وتنفرد تونس فى مجال العلاج عن طريق مياه البحر. حيث كانت أول دولة عربية تنشئ مركزا للعلاج بهذه الطريقة فى عام 1994 لتحتل بذلك المرتبة الثانية بعد فرنسا في قائمة الدول المعالجة بمياه البحر. كما تم اختيار جزيرة جربة لتكون عاصمة متوسطية للعلاج بمياه البحر في عام 2014 ، ويقع أول مركز للعلاج بمياه البحر في مدينة سوسة. كما يشهد حمام بورقيبة بعين دراهم إقبالا كبيرا من السياح سواء العرب أو الأجانب. وهو الأقدم في تونس. حيث يقدم الحمام العلاج عن طريق المياه المعدنية وأعشاب الزعتر والشيح المنتشرة في المكان فضلا على استخدام الطحالب البحرية الأمر الذي يضمن عدم حدوث أية أعراض جانبية أو مضاعفات. ويبلغ عدد التونسيين الذين يرتادون المحطات الاستشفائية أكثر من 10 آلاف شخص سنويا. ويرتادون 4 محطات استشفائية. وهي حمام بورقيبة وجبل الوسط وقربص وجربة. ويختار التونسيون هذه المحطات، لأنها تشملها التغطية الاجتماعية بالإضافة الى الذين يرتادونها على حسابهم الخاص للتداوي من (البرد والروماتيزم والتدليك إثر الحوادث...) أما عدد التونسيين الذين يزورون حمام المياه المعدنية فيصل الى 3 ملايين و300 ألف تونسي منهم مليون تونسي يتجهون نحو حامة قابس. ومن أهم الحمامات بالمياه المعدنية في بلادنا، حامة قابس و الزريبة (زغوان) وحمام بنت الجديدي (نابل) وحمام بورقيبة والصالحين( جندوبة )وحمام ملاڤ (الكاف) وعدّة حمامات بقبلي... وعموما لا توجد ولاية تخلو من الحمامات المعدنية تقريبا... ويدخل ارتياد هذه الفضاءات في تقاليد العائلات التونسية دون وصفات طبية في أغلب الأحيان للتداوي من عدّة أمراض والاستجمام. أما السياح الأجانب الذين يأتون الى تونس لغاية السياحة العلاجية الطبية فقد بلغ عددهم السنة الفارطة 500 ألف سائح. ويبلغ معدل إنفاق السائح الطبي 10 آلاف دينار في الأسبوع. وتعتبر السياحة العلاجية في تونس أرخص سياحة علاجية في العالم. ففرنسا أسعارها أرفع ب 10 مرات وأمريكا أسعارها أكثر ب 20 مرة من تونس وبلدان الخليج أكثر ب 30 مرة من تونس. قطاع غير مهيكل أشار السيد لطفي الخليفي رئيس الجمعية التونسية للسياحة العلاجية والاستشفاء في تونس, والخبير في السياحة العلاجية إلى أن قطاع السياحة العلاجية أو الاستشفائية أو الطبية يفتقر إلى الهيكلة والتنظيم على غرار بقية القطاعات السياحية الأخرى. فالسياحة العلاجية الطبية هي قطاع مخفي خلف قطاع الصحة وقطاع السياحة. ورغم أهميته الا أنه غير منظم وغير منضو تحت هيكل رسمي يقوم بتنظيمه ومراقبته في حين أن كل البلدان المنافسة لتونس نظمت هذا القطاع وجعلت له تشريعات وهيكلا تنظيميا ورقابيا وترويجيا. وتعاني السياحة العلاجية في تونس رغم وجود كوادر طبية وخبرات طبية مشهود لها عالميا من مشاكل عديدة منها تدني البنية التحتية وغياب القانون المنظم وكثرة الدخلاء وضعف الجودة. وفي تونس لا توجد مصحة لديها شهادة اعتماد صحية عالمية وخاصة عدم وجود استراتيجية ترويجية للسياحة العلاجية. استراتيجية وطنية للترويج للسياحة العلاجية من جهتها بينت السيدة زينب الزواوي المكلفة بملف السياحة العلاجية بوزارة السياحة أن السياحة العلاجية كمفهوم تتمثل في كونها نوعا من أنواع السياحة شائعة الانتشار. وتتمثل بتوّجه السياح إلى الأماكن السياحية التي تشتهر بتقديم العلاج الطبيعي بالاعتماد على المصادر الطبيعية كعيون المياه المعدنية وحمامات المياه الكبريتية والحارة والطين والرمال الساخنة. وتعتبر واحدة من عوامل الجذب السياحي في مختلف دول العالم. وتعتمد السياحة العلاجية على استخدام المصحات المتخصصة أو المراكز الطبية أو المستشفيات الحديثة التي يتوفر فيها تجهيزات طبية وكوادر بشرية تمتاز بالكفاءة العالية التي تنتشر في جميع دول العالم, منها تونس. وتحتل تونس المرتبة الثانية في العلاج بمياه البحر. ويوجد في تونس 60 مركزا للعلاج بمياه البحر. كما هناك سياحة علاجية للشيخوخة ولأصحاب الاحتياجات الخصوصية وكذلك لعدد من السياح المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة وحركتهم محدودة. وأغلب السياح الفرنسيين يجرون عمليات التجميل والسمنة. وبالنسبة الى تونس نجد في مراكز العلاج كفاءات طبية في مختلف أساليب وطرق العلاج العالمية مثل العلاجات الصينية والتايلاندية وغيرها من الاختصاصات. كما قدمت تونس ملفا للمواصفات السياحة الاستشفائية للعلاج بمياه البحر. وهي مواصفات تضمن جودة الممارسات للخدمات السياحية للعلاج بمياه البحر وجودة الممارسات للخدمات السياحية بمراكز الاستشفاء بالمياه المعدنية. وبالنسبة الى الترويج للسياحة العلاجية فوزارة السياحة تعمل على مختلف الأوجه بمختلف الطرق وبالتعاون مع جميع الأطراف التي لها علاقة بالسياحة مثل الخطوط التونسية التي فتحت خطوطا جديدة نحو عدد جديد من البلدان الافريقية والقيام بتخفيضات موسمية للسياح المرضى لجلبهم. والشيء نفسه بالنسبة للشركة التونسية للملاحة . إلى جانب تنظيم حملات ترويجية في مختلف المعارض والتظاهرات العالمية لجلب السياح وبعث منتوج سياحي متنوع وقادر على الاستجابة لميولات متغيرة للسائح وإرساء موسم سياحي يمتد على كامل السنة ويستقطب نوعية محددة من السياح من ذوي الدخل المرتفع. لطفي الخليفي رئيس الجمعية التونسية للسياحة العلاجية والاستشفاء في تونس مؤتمر دولي وهيكل منظم بين السيد لطفي الخليفي رئيس الجمعية التونسية للسياحة العلاجية والاستشفاء في تونس والخبير في السياحة العلاجية, أن تونس كانت منذ فترة طويلة وجهة سياحية صحية. وبدأ المرضى الأجانب يتدفقون إليها ، سواء للعلاج أو للاستشفاء ، منذ أكثر من أربعين عاما. ومع ذلك ، لا يزال القطاع يفتقر إلى التأطير والهيكلة. ولذلك ، فإن تأسيس الجمعية التونسية للسياحة العلاجية والاستشفاء يمثل الخطوة العملية الأولى في هذا الصدد إلى حين إنشاء مجلس تونسي للسياحة العلاجية. وأضاف أن الجمعية التونسية للسياحة العلاجية والاستشفاء تأسست بهدف المساهمة في تطوير هذا القطاع لجعل تونس من بين أفضل الوجهات في مجال السياحة العلاجية على المستوى العالمي. ومن بين المجهودات التي يبذلها القائمون على هذه الجمعية سعيهم إلى تنظيم مؤتمر تونس الدولي للضيافة الطبية والذي سينعقد في الفترة ما بين 11 و13 مارس 2019 في تونس العاصمة. وسيكون المنتدى الأول من نوعه في تونس . حيث يضم عددًا كبيرًا من خبراء السياحة الطبية الوطنية والدولية. وسيسعى القائمون والمشاركون في هذا المؤتمر إلى : تقديم رؤية شاملة للسياحة العلاجية ودورها في الاقتصاد العالمي من خلال جمع خبراء من المجال وجمعيات الرعاية الصحية وصناديق التأمين الطبي والمستثمرين من أكثر من عشرين دولة. وتسعى الى توفير التدريب الدولي للمهنيين المحليين وتوفير فرصة مهمة لتبادل الخبرات العالمية المتنوعة في السياحة الطبية وتقديم دعم للمصحات الخاصة والمؤسسات الوطنية النشطة في هذا المجال وتعزيز التعاون بين المنظمات العاملة في هذا القطاع وإتاحة الفرصة للمؤسسات الوطنية والأجنبية لتطوير الشراكات والتسويق وحضور مكثف للخبراء والإعلاميين ووكالات السياحة العلاجية. كما سيشهد منتدى تونس الدولي للضيافة الطبية حضورا إعلاميا دوليا مكثفا من عدة دول أفريقية وأوروبية ومن بلدان الخليج العربي. كما سيتميز الملتقى بحضور عدد من الخبراء والمتحدثين المعروفين على المستوى العالمي والإقليمي على غرار الخبيرة العالمية ماريا طود والدكتور البروفيسور توفيق بن أحمد خوجة ونائب رئيسة المنظمة العالمية للسياحة العلاجية ورئيس اتحاد مجالس السياحة العلاجية ونائب رئيس المنظمة العالمية للعلاج بالمياه ورئيس جمعية المستشفيات الخاصة بالأردن ومتحدثين بارزين من الولاياتالمتحدةالأمريكية والنمسا وفرنسا وماليزيا وألمانيا والكويت والامارات ومصر والهند وايطاليا وتركيا ووكلاء سياحة طبية من الكويت والسعودية ونيجيريا والبنين وساحل العاج والكاميرون وكينيا.