تشهد الجزائر أحداثا متسارعة ومتواترة منذ بداية الاحتجاجات الرافضة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة ،وسط استقالات من الحزب الحاكم وانسحابات للمعارضة من السباق الرئاسي فضلا عن تحذيرات الجيش المتواترة، وهو ما يجعل البلد أمام مستقبل مجهول ومفتوح أمام كل الاحتمالات. تونس - الشروق وعلى الصعيد السياسي قرر عدد من الاحزاب الانسحاب مبكرا من السباق الرئاسي فقد اعلن حزب «حركة مجتمع السلم» (حمس)، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، الانسحاب من السباق الرئاسي وعدم المشاركة فيه. وبذلك تكون حركة مجتمع السلم ثاني حزب جزائري ينسحب من الرئاسيات، بعدما أعلنت رئيسة حزب العمال لويزة حنون الانسحاب. وكانت أحزاب أخرى أعلنت مبكراً مقاطعة الانتخابات. وما يعقد المشهد السياسي خاصة للجبهة المؤيدة لبوتفليقة هو الانشقاق الكبير داخل الحزب الحاكم فقد أعلن يوم الجمعة الماضي عدد كبير من النواب التحاقهم باحتجاجات الشعب ورفض العهدة الجديدة لبوتفليقة . وسبق ذلك إعلان المنظمة الوطنية للمجاهدين، التي تضم قدامى المحاربين الجزائريين، بأن مطالب المحتجين تقوم على اعتبارات مشروعة، حيث حثوا جميع المواطنين على التظاهر. ما يؤكد أن رفاق الأمس يديرون ظهورهم للرئيس الجزائري ويطالبون بالتغيير. واستبعد متابعون أن ينسحب بوتفليقة؛ بسبب القوة السياسية الكبيرة المساندة له، والمتمثلة في ائتلاف مكون من أكبر أربعة أحزاب سياسية، وأكبر نقابة للعمال، وأكبر تجمع لرجال الأعمال ، لكن برأيهم يبقى هذا السيناريو واردا بسبب تعاظم حالة الرفض في الشارع للولاية الخامسة. وقال عبد العظيم سعيدي، عضو اللجنة المركزية في حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم: «هذا الاحتمال يبقى وارداً، واستجابة الرئيس لدعوات الترشح مرهونة بالمحافظة على كرامة رئيس الجمهورية كرمز وقائد تاريخي لحق به الكثير من الأذى بسبب الحملات الإعلامية الشرسة، التي يتعرض لها منذ مدة». وأفاد عصاد سيد أحمد، محام وناشط سياسي معارض وأحد الداعين إلى انسحاب بوتفليقة: «أعتقد أن الرئيس بوتفليقة سينسحب في نهاية المطاف، تحت ضغط الشارع الرافض لترشحه». هل تتأجل الانتخابات ؟ هناك بعض المراقبين الجزائريين يرون أن من بين السيناريوهات المطروحة في الجزائر هو أن تقرر السلطة، ضمن توافق سياسي ما مع المعارضة، تأجيل الانتخابات.و وفقاً للخبير السياسي الجزائري، محمد الصغير: «خطاب ترشح بوتفليقة يتضمن ترتيبات سياسية أقرب إلى ما يمكن أن نسمّيه تمديد للولاية الرئاسية الرابعة.. الرسالة تضمنت ما يمكن أن يُسمى برنامجاً انتخابياً لمرشح للرئاسة، والرئيس تعهد بأن لا تتعدى فترة مكوثه في السلطة سنة واحدة، بعد انتخابات 18 أفريل».بحسب الصغير يمكن بسهولة، في حال وجود توافق سياسي، تأجيل الانتخابات لمدة سنة. وفي خضم تصاعد الاحتجاجات يرى خبراء سياسيون أن يتم إعلان استحالة تنظيم الانتخابات في موعدها، نتيجة تدهور الوضع الأمني، بسبب استمرار المسيرات، رغم سلميتها. وفي هذا الاطار أفاد الصحافي الجزائري، فوزي بوعلام: «سيكون من غير الممكن إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، في حالة تواصل المسيرات أو اشتدادها أو تنفيذ إضراب يشارك فيه الموظفون على نطاق واسع.. في هذه الحالة سيكون الحل الوحيد المتاح أمام السلطة، وبقرار منفرد، هو تأجيل الانتخابات لدواعٍ أمنية؛ وسيكون للسلطة خيار إعلان حالة الطوارئ من عدمه حسب تطورات الوضع الميداني». فوز الرئيس ويؤشر إصرار السلطة على ترشيح بوتفليقة، رغم موجة الرفض الواسعة، إلى أحد أبرز السيناريوهات المتوقعة، رغم كلفته السياسية العالية. هذا السيناريو هو أن تصر السلطة على تنظيم الانتخابات، ويفوز بوتفليقة ورغم خطورة هذا الحل، إلا أنه ممكن، وقابل للتنفيذ، حسب مراقبين.وقال الكاتب والخبير السياسي الجزائري محمد تاواتي: «وفقا للمؤشرات المتوافرة، أعتقد أن السلطة حسمت أمرها بتنظيم الانتخابات في موعدها، وبترشيح بوتفليقة.. هذا الحل يعطي أنصار بوتفليقة السياسيين في الجزائر إمكانية كبيرة للتفاوض مع المعارضة بعد الانتخابات من موقع قوة، مستندين إلى شرعية رئيس جمهورية منتخب». احتجاجات متصاعدة وعلى الصعيد الميداني ،من المنتظر أن يواصل المحتجون الرافضون لترشح بوتفليقة لعهدة خامسة مظاهرات وسط تحذيرات من امكانية انزلاق نحو العنف . وقد التحقت عدة فئات نقابية ومهنية وسياسية وعمالية الى صف الحراك الشعبي . وأمام هذه التطورات فقد أصدر الجيش الجزائري عددا من البيانات بعد أن عمت المظاهرات أنحاء البلاد، لتنقسم الآراء بشأن القراءات المختلفة لتلك البيانات، وما إذا كانت تشير إلى دعم الجيش للشعب في حراكه السلمي، أم انحيازه لقائده الأعلى بوتفليقة.