لم تكد الجبهة الشعبية تستفيق من صدمة «المرشح الرئاسي» حتى تلقت صدمة أقوى بخسارة ملف الشهيد بلعيد... الجبهة تتآكل من داخلها فهل أنّ موعد انفراط عقدها قبل تحقيق حلم الشهيد شكري بالعيد في توحيد اليسار؟. تونس «الشروق»: ما الذي يجمع القومي باليساري؟ وما الذي يجمع اليساري الوسطي باليساري الراديكالي؟ لا شيء غير الاقتناع بوحدة المصير والهدف العام المشترك… الجبهة تجمعت وتفادت مشكلة الزعامة بتأسيس مجلس الأمناء العامين لكن مشكلتها أنها ظلت منذ تأسيسها وفية لمنهجها في المعارضة والاعتراض والتمسك ب»لا» حتى في الأوقات التي تفترض النطق بلفظة «نعم». المصيبة ليست في الوفاء للمنهج بل في الجمود وعدم القدرة على التطور والعجز عن تقديم بديل مقنع والفشل في الإقناع بإمكانية تطبيق أطروحات خلقت لواقع غير واقعنا وزمن غير زماننا ومكان غير مكاننا. هذه الخيبة تجاوزتها الجبهة بناء على معطيين أولهما إيمان مكوناتها بمخاطر الانسلاخ منها وثانيهما استفادتها من قضيتي الشهيدين بلعيد والبراهمي، لا ننسى أن هناك محايدين يتعاطفون معها من باب التعاطف مع الشهيدين. اليوم تتلقى الجبهة طعنتين في شرياني حياتها وتماسكها: طعنة في الإيمان المشترك بالمصير المشترك وطعنة في قضية بلعيد: احتمالات مدمرة منجي الرحوي مرشح الوطد الموحد للانتخابات الرئاسية دون موافقة الجبهة الشعبية، وحمة الهمامي مرشح الجبهة للرئاسية دون تأييد الوطد. هناك مبدئيا احتمالات ثلاثة، فإما أن يتمسك كل طرف بموقفه فيكون للجبهة مترشحان وشرخ كبير في التماسك، وإما أن يتنازل حمة ومؤيدوه دون أن يغفروا للوطد الموحد تجاسره على مخالفة التوافق وأخلاقيات العمل المشترك صلب الجبهة، وإما أن يتنازل الوطد عن ترشيح الرحوي فينفجر في داخله ويصبح حجر عثرة داخل الجبهة. هناك احتمال رابع أشبه بالعملية الانتحارية يتمثل في انسحاب الوطد الموحد فيعود آليا إلى صف ما يعرف ب»الصفر فاصل» ويحكم على بقية رفاقه في الجبهة بالضعف وإمكانية الزوال باعتباره أحد أهم أحزابها وأقواها وأكثرها شعبية. الاحتمالات كلها مدمرة للجبهة وهي نتيجة منطقية لمن بحثوا عن حل للزعامات الحزبية والشخصية ووجدوها في مجلس الأمناء دون العودة إلى القاعدة ولكن أي أثر لتفكك الجبهة؟. من خلل إلى آخر الجبهة هي الخطوة الثانية في تحقيق حلم التوحيد الذي راود بعض اليساريين في تونس. فقد كانت الخطوة الأولى في توحيد الوطد، وكانت الثانية في اقناع بعض الحساسيات اليسارية والقومية بالتجمع في جبهة واحدة اختار فيها بلعيد تقديم الزعامة لرفيقه اللدود سابقا حمة بأن جعله مرشح الجبهة للرئاسية. وقد اضطر «الوطديون» إلى تنفيذ «وصية» بعد وفاة قائدهم فوقفوا خلف حمة في رئاسية 2014 قبل أن يراجعوا موقفهم منذ أيام في استعدادهم لرئاسية 2019. هل إن الرحوي أحق من حمة بالترشح أم العكس بالعكس أم هناك جبهوي آخر أحق من الاثنين بالترشح؟. أيا كانت الإجابة فإنها تكشف عن خلل في تجميع تيارات يسارية متنافرة جراء تمسك كل واحد بأدق الخصوصيات وإيمان كل واحد بأحقيته في الزعامة والقيادة وخللا أكبر في العمل على تقوية الجبهة أولا وتجميع اليسار ثانيا وتقديم الإضافة للبلاد ثالثا لكن الخطر لم يعد مرتبطا بالترشيح للرئاسية. «الرفاق تخلوا عن الحلم» لن تجد الجبهة قضية في قيمة قضية بلعيد لاستثمارها سياسيا، بما أن الملف لم يكن قط مجرد ملف قضائي بل هو سياسي بامتياز. فقبل أيام توجهت أرملة الشهيد بسمة الخلفاوي إلى حزب رفيقه الأقرب عبيد البريكي حيث قادت مؤتمره، أما شقيقه عبد المجيد بلعيد فقد خطا خطوة أكبر بمغادرة الجبهة وحتى حزب الوطد الذي أسسه أخوه شكري ليلتحق رسميا بحركة تونس إلى الأمام. بسمة وعبد المجيد لم يكونا قياديين مؤثرين في الجبهة ولكن وجودهما مهم جدا معنويا تماما مثل انسحابهما فالتوجه نحو حركة البريكي شبيه بسحب ملف قضيته من محام وتسليمها لمحام آخر. الفرق الوحيد أن هذه الإجراءات لم تتم في الجانب القضائي بل في الجانب السياسي ما يعني أن الجبهة والوطد الموحد لن يجدا مبررا للاستثمار في قضية الشهيد بلعيد. «الرفاق تخلوا عن مواصلة حلم بلعيد بتجميع اليسار في جبهة شعبية قبل بناء جبهة ديمقراطية مدنية واجتماعية واسعة» هذا ما نطق به عبد المجيد بلعيد قبل أيام فهل تكون حركة تونس إلى الأمام بديلا للجبهة في تجميع اليسار؟. الجبهة الشعبية تأسست الجبهة الشعبية يوم 7 أكتوبر 2012 تحت اسم الجبهة الشعبية لتحقيق أهداف الثورة وقد تألفت في بدايتها من 11 طرفا يهمنا منها الوطد الموحد وحزب العمال. فالأول هو اختصار لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد الذي أسسه الشهيد شكري بلعيد سنة 2011بتجميع بعض الوطنيين الديمقراطيين وظل يرأسه حتى تاريخ وفاته يوم 6 فيفري 2013. وأما الثاني فقد تأسس يوم 3 جانفي 1986 على أنقاض منظمة العامل قبل أن يستأثر حمة الهمامي برئاسته. وقد تم اختيار حمة ناطقا رسميا باسم الجبهة الشعبية وترشيحه بالإجماع لرئاسية 2014 وإعادة ترشيحه قبل أيام لرئاسية 2019 دون موافقة الوطد الموحد. ونجحت الجبهة في الحصول على 15 مقعدا من مشاركتها في تشريعية 2014 ولا يمكن التكهن بمحصولها في التشريعية القادمة بالنظر إلى المشاكل الداخلية التي تجابهها حاليا. حركة الشعب تدعو إلى العمل المشترك دعا حزب حركة الشعب كل القوى الوطنيّة والاجتماعية الى العمل المشترك لتوفير مناخ انتخابي تتساوى فيه الفرص بين الجميع، قوامه التّصدي للمال السّياسي الفاسد والإعلام الموجّه وشركات سبر الآراء وأيضا للكشف عن الجهاز السّري لحركة النهضة والاغتيالات السّياسيّة وفق بلاغ صادر عن المجلس المركزي للحزب. كما دعا الحزب عموم المواطنين للإقبال بكثافة على التسجيل في قائمات الناخبين وممارسة حقهم وواجبهم في اختيار الاطراف المؤهلة حقا لإدارة الشأن الوطني محملا ماوصفه بحكومة «الشاهد والنهضة» مسؤوليّة ما تعيشه البلاد من تردّي على كلّ المستويات وفي جميع القطاعات. كما أكد في السياق الدولي رفضه وادانته المطلقة لتصريحات الرئيس الأمريكي حول أحقية الكيان الصهيوني في السيادة على الجولان المحتل مؤكدا ان انعقاد القمّة العربيّة المقبلة دون حضور سوريّا هو استمرار في نفس النّهج التآمري على الأمّة وقضاياها المركزيّة.