انفلات حقيقي تعيش على وقعه بعض البرامج التليفزيونية على القنوات التونسية الخاصة التي اصبحت تتنافس على الرداءة و الفوضى دون ادنى احترام للمشاهد فالمتابع لهذه البرامج يصطدم بالكم الهائل من الإيحاءات و الكلام البذيء و الشجارات في غياب تام لأي تصور او مضمون ترفيهي او تثقيفي ، و هذا الإنفلات الذي حل بالإعلام السمعي البصري ليس وليد اللحظة و انما هو نتيجة فترة انتقالية عاش فيها الإعلام التونسي مرحلة جديدة هي الأخطر في تاريخه فبعد سنوات من تكميم الأفواه والضغوطات والقيود هبت عليه نسائم الحرية فلم يستطع البعض استغلالها بحرفية وحلت الفوضى وحصل الانحراف الإعلامي الذي غذته أطراف اعلامية استغلت قنوات اذاعية و تلفزية خاصة تعيش حالة من الإنفلات امام ضعف الهيكل التعديلي «الهايكا» لتبث مادة اعلامية رديئة لأغراض مادية وشخصية وأيديولوجية زادت في تلوث المشهد في غياب تام للحرفية والردع الذاتي والقانوني. هذا الإنحراف الإعلامي في بعض القنوات التلفزية سببه التنافس الشرس والبحث عن السبق الصحفي و»السكوب» لكن في المقابل لا ننفي ان هناك اجتهادات لدى بعض المنتجين ومقدمي البرامج في صياغة أفكار جديدة وتلفزية وانتاج برامج فيها تجديد خاصة من حيث المواضيع المطروحة التي تحاول ان تحاكي المواطن ونبض الشاعر غير ان بعض هذه البرامج وخاصة في التلفزات الخاصة اصبحت تسقط في فخ الإثارة بحثا عن رفع منسوب المشاهدة كما انها تتشابه في اغلبها من حيث أسماء الذين تتم استضافتهم فليس هناك جهد في البحث عن اسماء او وجوه جدد تزخر بهم الساحة الثقافية والسياسية والإعلامية وهم قادرون على اثراء هذه البرامج وتقديم الإضافة كما ان بعضهم ينحدر الى الإبتذال على مستوى اللغة المستعملة وتقنيات ادارة الحوار وتصل احيانا الى حد التهريج و نفس الشيء بالنسبة لبعض المنشطين تعوزهم الخبرة والقدرة على ادارة الحوارات الى درجة الإنسياق نحو السب والشتم وتبادل التهم...