عند مرورك بالشارع الرئيسي لمدينة القصرين في إتجاه مقر الولاية وتحديدا أمام الثكنة العسكرية يلوح على يمينك حيّا كاملا بمنازل وبناءات على حافة وادي «أندلو» الذي يقسم المدينة الى نصفين... حوالي 60 عائلة تعيش ظروفا إجتماعية صعبة. القصرين (الشروق) وما زاد في معاناة تلك العائلات الخوف الدّائم من فيضان الوادي في كل مرّة تنزل فيها الأمطار شتاء ,ومن خطر الحيوانات المفترسة والناموس السّام صيفا. محسن أحد متساكني حي «وادي أندلو» استقبلنا في منزله الذي يبدو صالحا للسكن لكن ما إن تخطو عدّة خطوات إلى الداخل حتى تظهر لك التشققات في كل ركن من أركانه... تواصل المسير نحو الجزء الخلفي من المنزل فيذهلك حجم الخراب وكأن حربا مرت من هنا... جزء من الحائط قد تهشّم وآخر مهدّد بالسقوط، أكوام من الحجارة والرّمل المكدّسة، وسور من الصبّار والأسلاك يحيط بما تبقّى من المنزل في محاولة يائسة لحمايته من خطر الفيضان الذي يهّدده كل ما انهمرت السماء بالأمطار. يقول محسن :«كلّما نزلت الأمطار هرعنا الى الخارج خوفا على أنفسنا... منازلنا مهدّدة بالسقوط والأهالي من ضعاف الحال لاتسمح ظروفهم المادية بالإنتقال أو شراء أو إيجار منازل أخرى». بنية تحتية مهترئة أدى فيضان وادي أندلو خلال سنة 2009 إلى تهديم عديد المساكن والبناءات التي تقع على جانبه بعد أن فاضت سيوله الجارفة عن مجراه وزحفت على المناطق المحيطة به وأدت إلى تحطيم الجسر الصغير الذي يوجد فوقه ممّا تسبّب ساعتها في قطع حركة المرور بين نصفي مدينة القصرين لعدّة أيام. دليلة جارة محسن تحدثت هي الأخرى بنبرة خوف وإستياء عن خطر الوادي من جهة ومن البنية التحتية التي يشكوها الحي من جهة أخرى. تقول«إتصلنا عديد المرّات بالبلدية وبالسلطات الجهوية، ونتلقى وعودا بزيارة الحي والإطلاع عن مشاكله لكن دون جدوى..تعهّدوا بتهيئة الطريق وتوفير الإنارة العمومية وربط المنازل بشبكة الصرف الصحي لكنها بقيت مجرد وعود واهية لم يتحقق شيء منها. وتضيف «منطقتنا معزولة: وفي حال تعرّض أحد منّا الى وعكة صحية مفاجئة يرفض سائقو سيارة الإسعاف وسيارات الأجرة الدخول إلى الحي لنقله إلى المستشفى، فنحن نقطن حيّا تنعدم فيه أبسط مقوّمات العيش الكريم وزاد الوادي حياتنا هلعًا». كارثة بيئية وكأن خطر الفيضان ورداءة البنية التحتية والظروف الصعبة لاتكفي، إذ تتفاقم المأساة مع سكب فضلات مصنع عجين الحلفاء والورق المتكونة من نفايات ومواد كيميائية في الوادي ومايسبّبه من تلوث ظهرت آثاره على وجوه المتساكنين الذين ينتظرون موعد نقل المصنع الذي أتت فضلاته على كل مظاهر الحياة بالجهة. قدّور تحدّث أيضا بحرقة عن الظروف التي يعيشها رفقة إخوته الستة في منزل لاتتجاوز مساحته 20 مترا مربعا حيث يقطن كل فرد منهم رفقة زوجته وأبناءه في غرفة لا أفرشة ولا اواني ولا كراسي يضيف :«نعيش في هذا المنزل الذي ورثناه عن والدي منذ 16 سنة..أصيب إبني على مستوى عينه اليمنى بعد أن لدغته «ناموسة» سامة أتت من فضلات الوادي وتعكّرت صحته ولم أجد من يساعدني في تأمين مصاريف الأدوية وإقامته في المستشفى... نحن نصّبنا أنفسنا حرّاسا دوريين على أبنائنا خوفا على حياتهم من الناموس، الحيوانات المفترسة ومن الفيضان». إلتقينا «عمّار» الذي جرفت السيول جزءا من منزله لكنه بقي مصرّا على البقاء فيه مع 12 فردا من عائلته، متوجها بنداء الى السلط المعنية لجهر الوادي وتنظيف غابة القصب ومساعدته على ترميم منزله. غير مدرج في برنامج البلدية لا يوجد مشروع عاجل خاص بحي وادي أندلو في برنامج بلدية القصرين، لكن سيتم التنسيق مع مجلس الولاية لتوفير أدنى حاجيات هذا الحي من تعبيد للطريق وإنارة عمومية رغم أن أغلب البناءات فوضوية لكن التدخل لتهيئة الحي ضروري لفائدة القاطنين به، حسب ما أفاد به للشروق المستشار ببلدية القصرينالمدينة محمد الرحموني. وأضاف سيتم التنسيق مع الأطراف المتداخلة لجهر الوادي وتنظيفه، مشيرا في نفس السياق أنه في حاجة الى ميزانية وإمكانيات مادية لتهيئته ودفع خطره عن المتساكنين.