بهدف تنقية مناخ التنافس السياسي وحفظ الممارسة السياسية من الانزلاق في مربع الفوضى والعنف أطلق رئيس الحكومة أول أمس مبادرة لوضع ميثاق للأخلاق السياسية، فما هو موقف السياسيين منها وهل تقدر على وقف الصراعات الهامشية؟ تونس الشروق: وفي كلمته لعموم التونسيين قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد أنه سيبادر بأطلاق مشاورات مع كل الاحزاب السياسية والمنظمات الوطنية قصد وضع ميثاق للأخلاق السياسية تتبناه كافة مكونات المشهد بهدف توجيه الصراعات الشخصية الى تنافس على البرامج. وكشفت بيانات نشرها حزب تحيا تونس أن هذه المبادرة سيتم اطلاق مشاوراتها في الفترة الممتدة بين ماي وجويلية القادمين ليوقع عليها كل المتنافسين ومختلف الاطراف السياسية والمنظمات الوطنية قبل فتح باب الترشحات للانتخابات التشريعية في 22 جويلية المقبل. وقياسا بمستوى التجاذبات السياسية المتصاعدة يعد توقيع المتنافسين انتخابيا على ميثاق اخلاقيات تعامل سياسي من بين الشروط الاساسية لإجراء الانتخابات في مناخات سليمة، وتتأكد أهميته من مستوى التجاوب الايجابي لتمثيلات سياسية واسعة مع هذه المبادرة. تفاعل ايجابي فمن جهته وصف الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري في تصريحه ل››الشروق» مبادرة رئيس الحكومة بالإيجابية والجديرة بالاهتمام سيما وان الدعوة ملحة لتنقية مناخ التنافس السياسي وإجراء الانتخابات على قاعدة «صراع» البرامج الاقتصادية والاجتماعية لا على قاعدة ضرب مقومات الممارسة الديمقراطية. وبدوره اعتبر القيادي في حزب تحيا تونس الصحبي بن فرج في تصريحه ل»الشروق» أن كل المبادرات المندرجة في سياق تنقية الاجواء السياسية من الاحتقان والتجاذب مرحب بها ،داعيا كل الاطياف السياسية الى الانخراط فيها. ولفت بن فرج الى أنّ المشهد السياسي يعيش منذ عام او ما يزيد على وقع مناورات سياسية واستفزازات ،وصراعات تدور رحاها حول الاشخاص والمصالح الضيقة بشكل افقد المواطنين الثقة في السياسة والسياسيين ،مشيرا الى أن توقيع هذه المبادرة سيكون بمثابة الخطوة الاولى في سياق دفع الاحزاب الى تقديم البرامج الجادة والرؤى الفاعلة. ومن جانبه أوضح القيادي في نداء تونس المنجي الحرباوي أن المشهد السياسي مشحون بتوتر كبير غلب عليه الخطاب الشعبوي المتردي والذي لا يقدم حلولا عملية مضيفا بان حزبه يدعم فكرة تأسيس ميثاق اخلاقيات للممارسة السياسية. تحقق نتائجها بشروط وفي المقابل وان تبدو المبادرة في مجملها ايجابية فان تحقق نتائجها على الارض يقتضي حضور وعي سياسي كبير ونضج لمستوى الممارسة الديمقراطية، وفي هذا السياق يرى المؤرخ عبد الجليل بوقرّة أن الاولى والاحرى أن تقوم مؤسسات الدولة بواجبها في تطبيق الدستور والقوانين وردع المخالفين لافتا الى ان هذا النوع من مواثيق التعامل الاخلاقي في المجال السياسي يصلح للمجتمعات التي تجاوزت مرحلة الانتقال الديمقراطي. كما أنه جرى في صيف 2014 امضاء ميثاق مشابه بين الاحزاب السياسية ولم يمنع لوحده من صد صعود الخطب الشعبوية والعنيفة وترذيل الحياة السياسية ، وفي هذا السياق يرى الناطق الرسمي للحزب الجمهوري وسيم البوثوري في تصريحه «للشروق» أن دعوة رئيس الحكومة لميثاق الأخلاقيات السياسية ليس بالدعوة الجديدة الوليدة، بل هي في رأيه عادة دأب عليها المجتمع المدني قبيل كل استحقاق انتخابي، مضيفا بأنه لا يمكن لعاقل أن ينفي ضرورة تنقية الأجواء السياسية من سياسات القصف و الثلب و شحن «الذباب الفايسبوكي» لسب الأعراض و التشويه غير أنه من الواجب أن يدافع عنها أشخاص لم يتورطوا في ممارسة عكسها على حد قوله. ولفت الامين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي في تصريحه ل»الشروق›› الى أنّ مبادرة مشابهة تعنى بأخلاقيات التعامل البرلماني وقع طرحها منذ مدة ، ولم تر النور في مجلس نواب الشعب بما يعني برأيه أن كل الاطياف السياسية لا يمكن لها ان تعارض هذه الفكرة غير أنّ حصر المعالجات للازمات الاجتماعية و الاقتصادية بمجرد المواثيق التي لا تكتسي صبغة قانونية الزامية يعد في رأيه تحويل وجهة للقضايا الاساسية. وشدد الشواشي على أن ارتفاع الاصوات المعارضة في رأيه يقتضي ايجاد حلول عملية وعدم مواجهة المسألة بالمواثيق الاخلاقية التي من الوارد انتهاكها في اي لحظة. تبدو مبادرة ايجاد ميثاق للأخلاق السياسية بادرة مهمة لتنقية مناخات التنافس الانتخابي المستعر قصد الحيلولة دون الانزلاق في مربع العنف والفوضى وترذيل الممارسة السياسية غير أن جدواها مرتبط اساسا بوعي كل الفاعلين السياسيين بضرورة الانخراط فيها وانجاحها. ميثاق الشرف الانتخابي أمضى عدد من الاحزاب والتكتلات والمترشحون المستقلون في 22 جويلية 2014 وثيقة ميثاق الشرف الانتخابي الذي تضمن بنودا تكفل التنافس الانتخابي النزيه بين جميع المتنافسين غير أن متابعي الشأن السياسي يرون انه بقدر ماكان مبادرة ايجابية الا انه لم يمنع من حدوث عديد التجاوزات في مستوى الممارسة السياسية على مستوى الخطاب الشعبوي والوعود الزائفة والثلب والتهجم والصراعات الشخصية وتصفية الحسابات ، بما يعني أن هذه المبادرة يمكن ان تقدم نجاعتها اذا رافقها وعي سياسي كبير.