بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشغل، ووسط حضور عمالي مكثف، وجه الامين العام للمركزية النقابية رسائل مشفرة الى الحكومة والى مختلف الاطراف الفاعلة منتقدا سياسة الفساد والإفساد في أوصال الدولة والمجتمع . تونس (الشروق) تزينت امس بطحاء محمد علي التي احتضنت أعدادا غفيرة من العمال والنقابيين من مختلف الأسلاك والقطاعات، بحلة جديدة امتزج فيها اللون الأخضر بالأحمر فالأبيض لتجمع بين الراية الوطنية وراية الاتحاد العام التونسي للشغل وراية العاملات الكادحات في المجال الفلاحي حيث حضرت "الفولارة التيرقال" اوما باتت تسمى "بفولارة دادا "بقوة لدى اغلب المتظاهرين كما علقت على جدران المركزية النقابية في مشهد تضامني مع حادثة السبالة من ولاية سيدي بوزيد . غرة ماي هذه المرة والاحتفال باليوم العالمي للشغل بدا على غير عادته في ساحة محمد علي، التي طغت عليها الشعارات المنددة واللافتات المستنكرة والهتافات الغاضبة من المستقبل الضبابي وحالة "الغبن واليأس "التي أصبحت تعيشها الطبقة الكادحة جراء الارتفاع المشط في الأسعار وعجز المقدرة الشرائية وسط لا مبالاة الحكومة بهذه المعاناة "يا شعب ثور ثور ضد الموت وضد الجوع "هي ابرز الشعارات التي رفعها المتظاهرون عاليا. الى جانب العديد من الشعارات الاخرى المناوئة للحكومة والمنتقدة لسياستها الاقتصادية والاجتماعية على غرار "عملتوالعيب يا حكومة الترهيب " . شاحنات الموت وقد انطلق خطاب الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بدقيقة صمت ترحما على أرواح "ضحايا التهميش والتفقير والاستغلال وضحايا شاحنات الموت "، ضحايا فاجعة السبالة التي حصدت ارواح 12 من عاملات الفلاحة وجرح 20 اخرين .واكد الطبوبي ان حادثة السبالة تَكرَّرت مرّات عديدة وفَضَحت َالمُعاناة التي تَرْزَحُ تحتها مئات الآلاف من الكادحات في غياب علاقة شغلية واضحة وانعدام للحماية الاجتماعية وفقدان لأدنى شروط العمل اللائق . وتعهد الطبوبي بأخذ حق كادحات السبالة وكل كادحات العمل الفلاحي بكل ربوع تونس والعمل على تحويل الاتفاقية المشتركة للعاملين في القطاع الفلاحي إلى اتّفاقيات قطاعية ملموسة تصاحبها اتفاقية نقل العملة الفلاحيين مشيرا الى انه لا مجال للاستعباد بعد اليوم . دعم الاحتجاجات وقال الطبوبي ان الحراك الاحتجاجي الجاري اليوم والذي اعتبره البعض تطاولا على هيبة الدولة، هوفي الحقيقية ردّة فعل طبيعية على فشل سياسات الائتلافات الحاكمة، وإدانة صارخة للانقلاب على إرادته، والالتفاف على أهداف ثورته .مضيفا ان الأمر بالنسبة للمنتفضين لم يعد مجرّد "تراخ" أو"أيادي مرتعشة" أمام تغوّل الفساد في أوصال الدولة والمجتمع، بل أضحى سياسة ممنهجة تتحكّم في إدارتها مافيات التهريب والاحتكار والمال الفاسد . واشار الامين العام الى ان هيبة الدولة ليست هيبة الأشخاص بل هي هيبة القانون وتحقيق العدالة والمساواة واحترام انتظارات الشعب وتطلّعاته والسعي لتحقيقها وفي منح الكرامة للناس وفرض سيادة القانون والقطع مع الفساد والمفسدين. وقال الطبوبي :"نعيد ونكرّر أنّنا مع كلّ التحرّكات الاحتجاجية السلمية ضدّ التهميش والإقصاء والفساد والمفسدين، وضدّ سياسة التجويع الممنهجة الموجّهة لابتزاز المواطن عبر الزيادات العشوائية في أسعار المحروقات والكهرباء وعديد المواد والأدوية والخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي اللاّ شعبية ". موعدنا الانتخابات وأكد الامين العام للمركزية النقابية ان مشاركة الاتحاد في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة والتي بدأت تجلّياتها تطغى على المشهد السياسي في شكل تجاذبات لا علاقة لها بما يعيشه المواطن التونسي من إرهاصات وما تُعانيه البلاد من إكراهات، لن تكون بصفة مباشرة بل بالطريقة التي توخّاها الاتحاد على امتداد تاريخه وذلك عبر البرامج والرؤى. واوضح ان ما تعيشه البلاد اليوم من احتجاجات شعبية عارمة، ومن احتقان وغضب لدى متساكني الجهات الداخلية والأحياء الشعبية، هي مظاهر مؤشّرة على نفاد الصبر وعلى فقدان الثقة وعلى سخط عام تجاه الطبقة السياسية بشكل عام، مشيرا الى ان الاتحاد باشر مهمّة إعداد برنامج اقتصادي واجتماعي ضمّنه رؤيته لما يمكن أن تكون عليه تونس الغد. ودعا الأمين العام كافة المواطنين للإقبال على التسجيل في القوائم الانتخابية والمشاركة بكثافة في الانتخابات القادمة ليغلقوا المنافذ أمام محاولات استبدال دولة الاستبداد بدولة الفساد، مؤكدا ان الاتحاد سيجند مئات النقابيين لمراقبة عملية الاقتراع لضمان الشفافية والنزاهة وسلامة العملية الانتخابية من التدليس والابتزاز والضغوطات. من جهة اخرى دعا الأمين العام الحكومة إلى وقف التفاوض بخصوص اتّفاقية الشراكة المعمّقة مع الاتحاد الأوروبي ALECA والتشاور مع المجتمع المدني ورسم أهداف وطنية تصون مصالح تونس وتحفظ سيادتها ويكون فيها التفاوض ندّيا واعيا كفءا.