طرب الجيران بهذا الصوت الطربي الشجي، فكانوا يرهفون لها السمع وهي تشدو بأغاني ام كلثوم ومنيرة المهدية وسلامة حجازي ... لتكون على موعد مع زوج خالتها سلومة بن عبد الرزاق وهو ممثل ضمن فرقة التمثيل بمسرح علي بن كاملة بعد تلقيه شكوى من جدتها المعترضة على اقتحام مجال الغناء بالنسبة لخيرة.. غير ان زوج الخالة كان له راي اخر، فقرر الاستماع اليها من خلال مجموعة من الأغاني الطربية الشرقية والرائجة بشكل كبير في تلك الفترة. لم يخف زوج الخالة اعجابه بهذه الموهبة الصغيرة ففسح لها المجال وشجعها على ارتياد المسرح البلدي لحضور ما يقدمه من عروض موسيقية ومسرحية متنوعة لعل أبرزها في تلك الفترة مسرحية « مجنون ليلى» بطولة حبيبة مسيكة وحسن بنان. وعملا بنصيحة زوج خالتها، شرعت الطفلة الموهبة في تعلم العزف على الة العود قبل ان يهتم محمدالشيشتي بتعليمها وتدريسها أصول الموسيقى وتلقينها وتحفيظها الأدوار والموشحات الشرقية والقصائد والكثير من أغاني اسمهان وام كلثوم. كبرت خيرة على الالحان والأنغام والموسيقى الطربية التي عشقتها بشكل لافت. ومثل مؤتمر الموسيقى العربية الذي احتضنه القاهرة في سنة 1932 نقطة تحول هامة في مسيرة خيرة من خلال مشاركتها في الاحتفالية الغائية التي أقيمت على شرف الوفد التونسي برئاسة المؤرخ حسن حسني عبد الوهاب، بعد عودته من القاهرة وشدت خيرة لأول مرة في تلك الاحتفالية بالمالوف التونسي هذه المشاركة لفتت الانتباه، فقد كان من ضمن الحاضرين في هذه الاحتفالية عدد من الوجوه الفنية والأدبية البارزة في ثلاثينات القرن الماضي وخاصة « جماعة مقهى تحت السور «عبد الرزاق كرباكة ومصطفى خريف وعلى الجندوبي والهادي العبيدي ومحمد صالح المهيدي وغيرهم... حضور مهد لها الطريق للالتحاق بالرشيدية بعد انتخاب مصطفى سفر رئيسا لهذا الصرح الفني والموسيقى التونسي الأصيل خلفا لمصطفى الكعاك ليحتضنها كبار الادباء والشعراء والملحنين على غرار خميس الترنان ومحمد التريكي وعناصر النادي الادبي للمعهد الرشيدي بإدارة محمد العربي الكبادي ومن ضمن أعضائه جلال الدين النقاش ومصطفى اغا وسعيد الخلصي ومصطفى خريف وبلحسن بن شعبان واحمد خيرالدين وبلحسن الشاذلي وعبدالرزاق كرباكة وغيرهم كثير من الذين وجدوا في خيرة – التي أصبحت بعد ذلك تحمل اسم فتحية – الصوت الشجي الذي كان همزة الوصل بين هؤلاء الشعراء والملحنين والمتلقي التونسي . يتبع