تونس (الشروق) تقع مدينة غُمراسن بالجنوب الشّرقي للبلاد التونسيّة وتتميّز بإرث حضاري وتراثي متنوع يعبق بالتاريخ الأصيل. اما تسميتها فهي ذات أصُول بربريّة تقُوم دلالاتها على «سيّد القوم» والحكايات الشعبية تربُط التّسمية بقول «تغم راسي» لأحد المؤسّسين للمدينة في القرن الخامس عشر الذي قدم من السّاقية الحمراء كما أنّها تتميّز بموقع استراتيجي تُحيط به سلسلة جبليّة وترقُد وتتوسّع عمرانيا على «رفات» واحة قديمة. وتاريخيّا عُرفت الجهة بتعاقب عدّة حضارات كالرومانيّة والبربريّة والفتُوحات العربيّة الإسلاميّة والتي تركت مُتجمّعة إرثا إنسانيّا حافلا بالتّعمير النّافع تدلّ عليه نقُوش حُفرت بأيادي العظماء في أشكال مُتنوعة إضافة إلى المغاور والمساكن البربريّة والمعدّات ورؤوس السّهام والأدوات الحجريّة والكهوف القديمة التي تُؤرخ رُسومها على الجوانب إلى ما قبل 5 آلاف سنة قبل الميلاد. وبرغم قساوة الطّبيعة وحالة الجفاف و»الشهيلي» فإنّ أهالي الجهة غمراسن طوّعُوا ذلك في المجال الفلاحي بالتّنويع في الأنشطة من خلال تربية الماشية وتوظيفها في تجارة اللّحوم وإنتاج الحليب وإثراء أديم الأرض بزراعة الحبُوب والخُضروات وغراسة الأشجار المُثمرة والزياتين وتشتهر جهة غمراسن بتواجد أبنائها من مختلف الأجيال الذين ينتشرون بمختلف قارات العالم ويشغلُون مهنا متعدّدة ومنها ترويج وتسويق الكعك والحلوّيات الغمراسنيّة بحُلو مذاقها وجودة منتوجها والتي داومت بالبقاء والتجدّد على امتداد قُرون منافسة المرطّبات العصريّة باقتدار الإبتكار ويمثّل هؤلاء الأبناء سُفراء أوفياء لغمراسن في الخارج لمُساهماتهم الخيّرة في مُناصرة تطوّر الجهة تنمويّا واقتصاديّا بسيُولاتهم الدّاعمة بالعُملة الصّعبة المُحوّلة أو التي يحملُونها خلال عودتهم لأرض الوطن في إجازاتهم وزيارتهم إضافة إلى حرصهم على تسويق الصّور الجميلة لخصوصيّة الموطن وحفظ سمعة الوطن بالتزام وهمّة وثبات الرّجال على قيم الأجداد لمزيد إشعاع الجهة. عبد الجليل بن جدو