يشتكي عدد كبير من الفلاحين ومتساكني المناطق الريفية بولاية سوسة ممّا يعتبرونه سوء إدارة المجامع المائية، التي تتولى تزويد هذه المناطق بالماء الصالح للشراب، لكنّها تشهد عدة تجاوزات أضرّت بالمنخرطين. (الشروق) مكتب الساحل ووفقا للنظام الأساسي الخاص بمجامع التنمية في قطاع الفلاحة والصيد البحري، الصادر سنة 1999 تشمل مهام مجامع التنمية الفلاحية «القيام بكل مهمة من شأنها دعم المصالح المشتركة للمنخرطين» وتختص المجامع المائية بمهمة توفير الماء الصالح للشرب في الوسط الريفي ومياه الري، فضلا عن النشاط الخدماتي غير الربحي، حيث يُمنع على هذه المجامع تعاطي أي نشاط تجاري. وفي ولاية سوسة يبلغ عدد المجامع المائية 85 مجمعا، موزعة بين 31 مجمعا خاصا بتوزيع الماء الصالح للشراب، و54 مجمعا لمياه الري. مشاكل بالجملة... تعرف هذه المجامع مشاكل وإخلالات بالجملة، خصوصا من حيث عملية تسييرها وإدارتها، والأمر مطروح تقريبا في معظم المعتمديات، من القلعة الكبرى إلى سيدي الهاني والنفيضة وبوفيشة وغيرها. وتواجه أغلب هذه المجامع معضلة عدم تجديد تركيبتها حيث تتخلّف عن عقد جلساتها العامة الانتخابية، التي يُفترض أن تجري كلّ سنة ,ويتم فيها تجديد توزيع المهام بين الرئيس والكاتب العام وأمين المال، ومن ثمة يصبح من الضروري تجديد الهيئة كاملة بعد ثلاث سنوات، وفق ما أكده رئيس قسم المياه والتجهيز الريفي بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسوسة محمد قزاح ل «الشروق». ما أن المجامع التي تعقد جلساتها العامة وتوزع المهام تعرف عدة إخلالات تنظيمية، مثل ما هو شأن المجمع المائي للشرب ورّاد (من معتمدية القلعة الكبرى) حيث انعقدت الجلسة العامة دون اكتمال النصاب القانوني، ولم يتم توزيع المهام بحضور المنخرطين كما لم يتم تقديم التقرير المالي للمجمع رغم مرور نحو 9 أشهر على عقد الجلسة العامة، وفق ما أكده الفلاح منذر بن عامر، وهو عضو هذا المجمع. وأضاف بن عامر أنّ الهيئة الحالية لم تقدم منذ انعقاد الجلسة العامة التقرير المالي رغم مطالبتها أكثر من مرة بالأمر، بل ترفض عقد جلسات للنظر في وضعية المجمع التي وصفها بالمجهولة والكارثية، متهما إياها باعتماد سياسة تصفية الحسابات وعدم تشريك بقية الأعضاء في كل ما يهم نشاط المجمع والاقتصار على دائرة مغلقة» مشيرا إلى أنّه تم مراسلة معتمد القلعة الكبرى في هذا الشأن. ويمثّل المعتمد صاحب السلطة الأولى على هذه المجامع، التي لا تخضع لسلطة المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية، خلافا لما يعتقده كثيرون، وتقتصر سلطة المندوبية على الجانب الفني فقط، حسب ما أكده قزاح. تذمّر من المنخرطين وأكّد رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة بالقلعة الكبرى السيد مثلوثي من جانبه أنّ الاتحاد تلقى تشكيات من عدد من المنخرطين في المجمع المائي و خصوصا من غير المتساكنين، حيث اشتكوا من ضعف تدفق الماء ولجوء المجمع إلى قطع الماء على المنخرطين غير المتساكنين واتهموا المجمع بسوء التصرف والمتاجرة بالماء واعتماد سياسة المكيالين. وفي عريضة إلى الاتحاد وإلى المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسوسة وإلى والي سوسة طالب المنخرطون بالتدخل العاجل للتصدي للإخلالات والتجاوزات الصادرة عن هيئة المجمع وهو ما اعتبروه مهددا للثروة المائية، وأكد الممضون على العريضة «لمسنا عدم متابعة ومراقبة لمكونات الشبكة المائية وعدم القيام بالتدخلات الضرورية لتفادي ضياع الماء كما لاحظنا سوء التصرف وتوزيع الماء وفقا لسياسة تحقيق المنافع الشخصية على حساب الثروة المائية والمتاجرة بها». ودعا المنخرطون إلى مقاومة ظاهرة الربط العشوائي وإلى الإنصاف في التعامل مع المنتفعين بخدمات التزود بالماء، متهمين هيئة المجمع باعتماد سياسة المكيالين، حيث تسمح للبعض باستعمال الماء (المخصص أصلا للشرب) في عمليات الري، وتمنع البعض الآخر من ذلك، حسب درجة الولاءات، وفق تعبيرهم. مسؤولية من؟ وأوضح رئيس دائرة الهندسة الريفية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسوسة فتحي الشطي أنّ الإشراف الإداري للمجامع المائية يعود إلى السلطة الجهوية (الوالي) والسلطة المحلية (المعتمد) حيث صدر أمر ينصّ على إحداث لجنة يقتصر دور المندوبية فيها على الجانب الفني. وبخصوص الصيانة أشار الشطي إلى أنّ هناك نوعين من الصيانة: الصيانة الصغرى وتشمل المنشآت ذات قطر أصغر من 300 مم وتتولاها المجامع ذاتها والمنشآت ذات قطر يفوق 300 مم وتتولاها المندوبية. وحول التنظيم الإداري لمجامع قال رئيس قسم المياه والتجهيز الريفي بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسوسة محمد قزاح :إنّ المندوبية تراسل هذه المجامع وتحثها على عقد جلساتها العامة في أوانها ولكن لا سلطة لها على إجبار هيئة ما على الاستقالة أو على تجديد تركيبتها. وبالنظر إلى حالة التعقيد التي ترافق إدارة هذه المجامع، تبقى الحلقة المفقودة في تلك اللجنة التي تشرف عليها الولاية مباشرة، والتي تتكفل بمراقبة سير عمل هذه المجامع، وقد أكد مصدر مسؤول من ولاية سوسة أنّ هذه اللجنة تم تشكيلها حديثا، في انتظار مباشرة عملها والعمل على إصلاح مجمل هذه الإخلالات.