لا شكّ بأنّ الله سبحانه وتعالى قد بيّن في كتابه العزيز الطّريق المستقيم لعباده، قال تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الأنعام 153) كما جاءت السّنّة النّبويّة لتشكل منارة هدى لملايين المسلمين على امتداد المعمورة نحو ما يصلح حالهم في الدنيا والآخرة ويحقّق لهم الأمن والسّعادة ورغد العيش، قال {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} (النحل 44). إنّ الإسلام الصّحيح يمثّل الطّريق المستقيم الواضح الذي يعرف من خلال ملامحه الظاهرة، وعلاماته النّيرة، وسماته الجميلة التي تحثّ على كلّ خيرٍ ومعروف وفضيلة وتنهى عن كلّ سوءٍ ومنكر ورذيلة. ومن خلال خصائص وملامح الإسلام الصّحيح يستطيع الإنسان أن يدرك مفهوم الإسلام الصّحيح المتميّز عن الفهم المغلوط له، فالإسلام الصّحيح هو دين الوسطيّة والاعتدال، قال تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} (البقرة 143) وإنّ وسطيّة الإسلام تتجلّى في مظاهر كثيرة في الحياة، فهو لا يكلّف النّفس الإنسانيّة ما لا تطيق من التّكاليف الشّرعيّة أو الفروض الرّبانيّة، قال تعالى {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} (البقرة 286) كما أنّه يدعو المسلمين إلى الوسطيّة في كلّ شيء ففي الإنفاق المادي ينبغي على المسلم أن لا يجعل يده مبسوطة، حيث يدخل في الإسراف والتّبذير، ولا أن يجعلها مغلولة إلى عنقه، قال تعالى {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} (الإسراء 29) وقال تعالى {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا} (الطلاق 7) وكذلك الحال في طهارته قال تعالى {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} (المائدة 6) وتعامله مع النّاس وحكمه عليهم وقضاؤه، قال تعالى {وما جعل عليكم في الدين من حرج} (الحج 78) وقال تعالى {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار} (الفتح 17) إنّ الإسلام هو دين الرّحمة والتّسامح والعفو، فمن ميّزات الدّين الصّحيح أنّه دين تسامح مع النّاس لا يتعامل معهم بأسلوب الغلظة والشّدّة وإنّما يأخذ الجميع بالرّفق واللّين والعفو عند الإساءة، فالقوّة والإعداد في الدّين هو وسيلة لتحقيق غاياتٍ مشروعة وأهدافٍ نبيلة لحفظ الأمّة وردع أعدائها، وليست الشّدّة والقوّة غايةً في ذاتها. أنّ الإسلام هو دين الرّبانيّة، فالمسلمون منضبطون في سلوكهم اليوميّ وتعاملهم مع بعضهم بأحكام هذا الدّين العظيم وحدوده وتشريعاته، ولا شكّ بأنّ ذلك يضمن أن يسير المسلمون وفق ما أراده الله لهم من منهج تستقيم به أحوالهم، بعيداً عن هوى النّفس والأمزجة التي تؤدّي إلى الانحراف والزيغ.