التحقت فتحية خيري بالرفيق الأعلى.. مخلفة ابداعا تونسيا اصيلا نحتته من وجدانها، وتركت في ذاكرة رفاق الدرب وكل من عايشها ذكريات ومواقف إنسانية نبيلة ...فالإنسان حديث بعده بمواقفه التي تخلده وتجعله في بؤبؤ العين حتى وان رحل بجسده عن هذه الدنيا فإن مواقفه تجعله دائم الحضور في الذاكرة. عديدة هي المواقف النبيلة التي يحفظها التاريخ لفتحية خيري، من ذلك تدخلها سنة 1982 عندا وقع التفويت في الرقعة الترابية التي أقيم عليها « البالماريوم» و» المسرح البلدي» وصدر قرار الهدم الذي وقف ضده الجميع وكان لفتحية خيري موقف حاسم بتشجيع من وسيلة بورقيبة فكان ان انتقلت الى القصر الرئاسي لتبكي امام الزعيم وهو ما اثار التساؤل ولما طلب منها الزعيم تفسير سر البكاء في حضرته.. اعلمته بصدور قرار هدم المسرح البلدي الذي صعد على ركحه الزعيم وهو صغير... احتج الزعيم على هذا القرار.. وأعطى تعليماته بإلغاء قرار الهدم وبالتالي تم انقاذ صرح المسرح البلدي من الاندثار. ويتفق كل من عايش فتحية خيري على انه معروف عنها الانفة وعزة النفس. قد سبق ان تعرضنا الى موقفها من قصيد « يازهرة « التي لحنها خصيصا لها الشيخ خميس الترنان وكيف انها انسحبت لما اكتشفت ان صوتا آخر كان يتمرن عليها. وفي شهادة لها حول شخصية فتحية خيري تقول الفنانة زهيرة سالم في كتاب «فتحية خيري .. فن وشجن» للأستاذ فاخر الرويسي: «لم تكن فتحية خيري تعشق المال بل لا تعير المال اهتماما كبيرا .عاشت للفن ووهبت نفسها اليه وماتت في سبيله. كانت فتحية خيري مناضلة ووجب على الدولة والمؤسسات السياسية تكريمها لأنها دعمت الحركة الوطنية ورموزها كالحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف وفتحي زهير وكذلك الشأن بالنسبة لحسيبة رشدي...». وتقول عنها الفنانة صفوة في ذات المؤلف القيم: «فتحية خيري كانت مثال المرأة اللطيفة الراقية حتى في طريقة كلامها ...وحدث ان اصطحبتها سيرا على الاقدام من مبنى الإذاعة الى سيارتها...وكانت تنصحني وتفيدني بخبرتها الفنية وتشجعني على التعاطي مع الأغاني الراقية...». انها فتحية خيري الصوت الطربي التونسي الأصيل ...النغم الصادح في وجدان كل التونسيين على مدى السنين . انتهى