كانت صالة قرطبة تقدم في سهراتها الرمضانية الفنانة الكبيرة صليحة والفنان يوسف التميمي وزوجته المطربة سعيدة خالد والفكاهي صالح الخميسي والأخوين الصادق والحبيب الشريف.. كانت صليحة النجمة الأولى في كل سهرات هذه الصالة على امتداد ليالي رمضان فهي التلميذة النجيبة في مدرسة الرشيدية فعلى امتداد مسيرتها كانت صليحة تقدم الكلمات شفافة، سحرية كأحلام تخطر عبر الأثير حتى أصبحت أغانيها هي الحياة في أبهى مظاهرها وتحولت من مجرد مطربة عادية إلى نجم يتألق في سماء الطرب، ومن ثم غدت رمز الفن التونسي الأصيل وأصبح كل من يحاكيها صدى لصوتها وليس نسخة مطابقة له. صليحة تنفرد بموهبتها وعبقرية صوتها، فهي فريدة حين تغني «آش يفيد الملام» و«عيون سود مكحولين» وغيرها من أغاني البيئة الأصيلة. ولقد أبدعت صليحة في «بخنوق بنت المحاميد» وفي «مريض فاني» و « مع العزابة»...و « نا وجمالي فريدة «وقدمت الغناء التقليدي مطعما بروح العصر مع استعمال ما يسمى بالتناغم زيادة على حفظ الطابع الأصلي للأغنية وصوتها نادرا أن يتكرر في الفن التونسي ولذا أحبها الجمهور وأسكنها وجدانه. بديعة مصابني المفاجأة صليحة الصوت الطربي التونسي الأصيل تكتّمت في احدى ليالي رمضان 1951 على مفاجأة كانت تخفيها عن جمهور صالة قرطبة وهي تقدم أولى وصلاتها الغنائية حتى كانت أغنية «يا زين الصحراء وبهجتها» عندما ظهرت على الركح الراقصة المصرية بديعة مصابني التي رقصت على لحن وموسيقى هذه الأغنية وقدمت بديعة مصابني لوحات راقصة في تناغم كبير مع اللحن... فكان التجاوب من الجمهور الحاضر الذي صفق بحرارة لهذه المفاجأة ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ بل تم تصوير هذا الحدث الفني النادر في تلك الليلة ليبقى وثيقة نادرة على مرّ الأجيال الفنية وبديعة مصابني من مواليد دمشق لأب لبناني وأم سورية. هاجرت مع والدتها إلى أمريكا الجنوبية لتعود في عام 1919 إلى مصر وتعلمت الغناء والرقص وعاشت أعواماً طويلة فيها، وأتيح لها أن تخرج كثيرا من الفنانين من خلال صالتها، وكانت فرقتها أشبه بمدرسة تخرج فيها عدد كبير من فناني الغناء الاستعراضي ومن أبرزهم فريد الأطرش وتحية كاريوكا وسامية جمال وحورية محمد ومحمد عبد المطلب وهاجر حمدي ومحمد الكحلاوي ومحمد فوزي وإسماعيل ياسين. ممن لمعت أسماؤهم في مجال الفن في السينما والمسرح والاستعراض.