كسبت صالة رمسيس الرهان بتعاقدها في رمضان 1942 مع الفنان الهادي الجويني الذي شد الانتباه بألحانه وأغانيه المتسمة بالعاطفة الجيّاشة والتوق إلى الأفضل يعتبر الفنان الهادي الجويني، المبدع التونسي الوحيد دون منازع الذي طور نمطية الفلامنكو، ذلك الإرث الحضاري العربي الإسباني، فصاغه في مقامي النهاوند والكرد مع الحفاظ على إيقاعاته الموزونة على رنين الصنوج الاسبانية. وقد توفرت للهادي الجويني تلك الملكة الإبداعية بفضل البيئة التي ترعرع في ظلها منذ ميلاده يوم غرة نوفمبر 1909، لمع نجم الهادي الجويني في الحفلات التي كان يحييها في الكافيشانطا أي قاعات الغناء مثل مقهى شمنططّو، ومقهى الهناء بباب منارة ومقهى المرابط في سوق التُرْكْ. ولمّا انتقل بالسكنى إلى حي باب سويقة حيث سكن بساحة البيقة - واسمها محرّف عن الإسبانية لاس فيغاس - اختلط بجماعة تحت السور، فتعرّف إلى الأدباء ومصطفى خريف ومحمود بورقيبة وعلي الدوعاجي ومحمّد العريبي ولحّن لجميعهم ما جادت به قرائحهم، مثل عبد الرزاق كرباكة العبيدي دور العتاب لعلي الدوعاجي وأغنية «إلّي تعدى وفات زعمة يرجع» للهادي العبيدي وأغنية «لَمُني اللي غاروا منّي» للشاعر الليبي البشير فحيمة، شهر فهمي وأغنية «سمراء يا سمراء» لجلال الدين النقاش و«يا محسونة قلي علاش» لمحي الدين مراد بطل أول فيلم غنائي تونسي مجنون القيروان وأغنية ليبية لحنها في اللون الطرابلسي لمحمّد العريبي بعنوان «هاذي غناي جديدة» ولحن لعبد الرزاق كرباكة، أغنية «مكتوب يا مكتوب» ومن شعر جلال الدين النقاش أغنية «تبعني نبنيو دنيا جديدة» ومن شعر محمود بورقيبة أغنية «لو كان موش الصبر يطفي ناري»، كما غنّت من ألحانه عدّة أصوات منها حسيبة رشدي التي غنّت له رائعة «تحت الياسمينة في الليل» شعر السيّدة عزة وزهيرة سالم أغنية «كسرّت القلّة»، شعر المرحوم فاضل حرحيرة وفتحية خيري في أغنية «يا مغير حالي» كلمات المذيع محمّد الزليطني شهر محمّد حفظي والسيّدة نعمة في أغنية «يا شاغلني وشاغل بالي» وعليّة في موشح أعطفي عدل قوامك شعر محمود بيرم التونسي) وكان من المنتظر أن تغنيها أم كلثوم. وسجل الهادي الجويني عدّة أغان على إسطوانات شركة أم الحسن للبشير الرصايصي، منذ 1935. محسن بن احمد