يعد الجامع الكبير بالمدينة العتيقة ببنزرت احدى ابرز المنارات المعرفية والمعالم الإسلامية على مر العصور ويمتاز بطابع معماري مرموق وكان اول فضاء لاحتضان التعليم الزيتوني بالجهة . ويذهب الباحث في علم التاريخ الأستاذ «محمد صالح الوسلاتي» ضمن دراسته «مساجد بنزرت عمارة ووظيفة» نشرتها جمعية صيانة المدينة أن الجامع الكبير ببنزرت كان معهدا مرموقا درس فيه علماء مشهورون. و إثر الإصلاحات التي أقرها العلامة محمد الطاهر بن عاشور في أعقاب الحرب العالمية الثانية انتقل الفرع الزيتوني من الجامع الكبير إلى جامع الربع سنة/1370ه 1951.م. وأول من مسك إدارته هو الشيخ المختار الدلالي ومن بين مدرسيه اللامعين إلى جانب عدد من العلامة على غرار المقرئ الطاهر الخماسي. موقع متميز شيد هذا الجامع سنة 1652 م الموافق ل1063 هجريا ويشير الباحثون والمؤرخون إلى أن هذا الجامع يعد أجمل المعالم ويحتل موقعا متميزا داخل المدينة على رصيف المرسى القديم ومن ابرز خصائصه الفنية مئذنته التي يناهز علوها 18 مترا والشبيهة إلى حد كبير بمآذن جوامع المشرق. ويضيف الباحث و المهندس المعماري «الهادي بوعيطة « في دراسة تحت عنوان: «الجامع الكبير ببنزرت» أن المئذنة تمثل أهم عنصر هندسي مميز للجامع ولا نعرف مآذن أخرى ذات تصميم مثمن الزوايا مشابهة لها في بنزرت أو منطقتها و إذا كانت عناصر الهندسة في بيت الصلاة قد اعتمدت مراجع هندسية و تزويقية مغربية محلية فإنها قد خالفت ذلك تماما بالنسبة للمئذنة التي تمثل إسهاما ثقافيا تركيا لا جدال فيه. إمام و خطيب ويُعدّ الشيخ «مختار الدلالي» من أبرز المربين والخطباء به ويشير الباحث في ذات الصدد ضمن دراسة نشرتها جمعية صيانة مدينة بنزرت عام 2000 أن تلاميذه إلى الآن يذكرون موسوعيته الثقافية خاصة في البلاغة.. ويقول فيه بعض ممّن عرفه على غرار الشيخ ابن عثمان أنه كان خطيبا متمكنا أفاد الناس لمدة تزيد عن العقدين.والشيخ مختار الدلالي أصيل ماجر من ولاية القصرين وقد وُلد بالروحية قبيل انتصاب الحماية الفرنسية. حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ العلوم العربية والفقهية في ليبيا فور مغادرة عائلته التراب التونسي خوفا من بطش المستعمر. وتفيد بعض الدراسات ذات الصلة أن هذا الأخير انخرط فيما بعد في التعليم الزيتوني بتونس بعد عودته بمفرده حيث يشير الأستاذ محمد الصالح الوسلاتي أنه قد قرّر التخلص من زيجة إحدى قريباته فكتب رسالة اعتذار وأمنها لدى أمه ودخل التراب التونسي. وحصل فيما بعد على شهادة «التطويع» وشغل عديد الخطط منها عدل إشهاد بتونس ثم في حدود 1913 شغل بماطر من ولاية بنزرت موظف بدار القايد حيث تعرف على أهالي وأعيان المدينة ومنهم المرحوم عبد الرحمان اللزام وحمودة بوقطفة .وقد عين الشيخ مختار الدلالي مديرا لفرع جامع الزيتونة ببنزرت. كما تولى الخطابة بالجامع الكبير. إيمان عبد الستار