تعود أصول الشيخ مختار الدلالي وهو من أعلام مدينة بنزرت وأحد رموزها الادبية الى ماجر بولاية القصرين، ففي الروحية وُلد قبل انتصاب الحماية الفرنسية وأخذته العائلة وهو رضيع في هجرتها الى ليبيا آنفة من البقاء تحت ظل الاستعمار الاجنبي، وهناك حفظ القرآن الكريم ومبادئ العلوم العربية والفقهي، انخرط اثر عودته الى تونس هربا من الزواج الذي سيعيقه عما يطمح إليه من طلب العلم بالجامعة الزيتونية فظهر عليه النبوغ والتفوّق والجدية وكان يتمتع بذاكرة حادة ساعدته على استيعاب الدروس وحفظها بيسر الى أن تحصل على شهادة التطويع الزيتونية وهو في سن الرابعة والعشرين (انخرط بالتعليم الزيتوني في سن متأخرة نسبيا لأنه اهتم أولا بحفظ القرآن المجيد) وسمحت له شهادته ان يكون عدل اشهاد بحاضرة تونس وذاع صيت الرجل حتى قُبيل التخرج فوقع تكليفه من قبل الناصر باي بتعليم ابناء الأمراء وبقي على اتصال ببقايا الانكشارية مما جعله يحذق لغتهم التركية وبعد وفاة الناصر باي استمرت علاقته وطيدة مع ابنه المنصف باي كذلك علم ابنتي أحمد باي الثاني فاطمة وقمر وسمّى ابنتيه في ما بعد باسميهما. ومن خلال عمله تعرف الشيخ على أهالي بنزرت وأعيانها خصوصا منهم حمودة بوقطفة لنزعته الاصلاحية وعبد الرحمان اللزام اذ وجد في مكتبته العتيقة خير منتدى يجتمع فيه مع ضيوف اللزام من الحاضرة ولما جرى اصلاح التعليم الزيتوني سنة 1364ه 1945م على يد العلاّمة محمد الطاهر بن عاشور شيخ الجامع الأعظم وفروعه أُلحقت هذه الدروس بالفروع الزيتونية وسُمي القائمون بها مدرّسين من الطبقة الثالثة وعين الشيخ مختار الدلالي مديرا لفرع بنزرت وظل فيه الى أن خلفه صاحب الفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي مفتي الجمهورية سابقا. آثاره إذا كان ما ذكر عن الشيخ مختار الدلالي ايجابيا فإن سلبيته التي يشاركه فيها عدة أعلام هي خلو تركته من آثار مدوّنة ويعزو ذلك الأستاذ عبد العزيز بن يوسف في كتابه حول عمر بن الشيخ الى اشتغال أولئك الى جانب اعمالهم الإدارية بأمر التدريس وبذل الجهود في تحرير المسائل وتنقيحها دون ان يُعنوا بأمر التأليف الا ما يقتبسه تلاميذهم من تحريراتهم القيّمة ويضعوها على حواشي نسخهم ليرجعوا اليها عند الحاجة وأضيف ان من كبار العلماء من أظهر علمه تلاميذه كما فعل أبو يوسف مع أستاذه الإمام الأكبر أبي حنيفة.