تونس (الشروق) يقترن شهر رمضان المبارك بمدينة قفصة بكثير من العادات والتقاليد المتوارثة عن الاجداد والتي تعكسُ أهميّة هذا الشّهر من حيث روحانياته المتنوعة «الطقوس» من خلال الالتزام بفرائضه والاستئناس بروح التضامن والتوادُد والتراحم الاجتماعي. هذا إلى جانب تعدد العادات والتظاهرات الدينية والثقافية المُستمدّة من ثراء المخزُون التراثي بالجهة. وعادة ما يُستبق شهر الصيّام بالتنظيف الشمولي للمنازل وكلس جدرانها ودُهن أبوابها ونوافذها وتحضير الكثير من أنواع «العُولة» يدويّا بالتّعاون التضامني بين ربّات البيُوت في شكل «لمّات» نسويّة تخيّم عليها الأجواء الفارحة. وإضفاء مسحة تنظيمية لافتة على المطبخ ودعمه باقتناء أواني جديدة للطبخ والأكل. وتشهد مدينة قفصة خلال ليلة القدر أجواء دينية حافلة ومتنوّعة ناشرة للفرح من خلال إقامة الكثير من العائلات لأفراح خطوبة الأبناء من الجنسين وكذلك بتقديم هدية الموسم من قبل عائلة الخطيب التي تستضاف على مائدة الافطار لدى أصهارها وكذلك بختان الأطفال بزوايا أولياء الله الصالحين على غرار زاوية سيدي منصور الدالي بالدوالي بقفصة وبالمستشفى الجهوي بقفصة والتي يُساندها الكثير من الخيرين وبعض الجمعيّات الخيريّة ولإضفاء الفرحة لدى العائلات المعوزة. وتتميّز ليلة القدر بأجواء استثنائية فبعد الإنتهاء من وجبة الإفطار يتوجّه الرجال إلى المساجد لإقامة الشعائر الدينية إكراما لهذه الليلة المباركة في ما تقصد النّسوة والأطفال مقابر المدينة لزيارة الترحّم على الموتى لقراءة الفاتحة والاكثار من الدعاء وسط أجواء حافلة. وتعرف مدينة قفصة وخُصوصا وسطها ازدحاما «طوفانيّا» من قبل متساكنيها وزوّارها من المعتمديّات المُجاورة بحضرها وريفها والذين يقبلون على التجوال بالحدائق والسّاحات العامّة ويرتادُون الأسواق والمغازات لاقتناء لوازم عيد الفطر. وتغصّ المقاهي بمختلف أصنافها بروّادها للسّهر ولعب الورق إلى ما قبل حلول السحُور. هذا وتشهد المدينة على امتداد شهر رمضان انتشار الأطفال بساحات الأحياء لمُمارسة العديد من الألعاب الفردية والجماعية بقديمها وحديثها. وتعرف حديقة بورقيبة أو ما يعرف شعبيا ب»الجردة» التي تتوسط المدينة اقبالا نهاريا مكثفا من قبل العديد من الشرائح العمرية وخصوصا من المتقاعدين وكبار السنّ وذلك لممارسة الالعاب التقليدية كالورقية «الشكبة» و»الخربقة» والتي تتواصل «أطراحها» التنافسية إلى موعد حلول صلاة الظهر. ويؤم هذه الحديقة أيضا كثيرون لتمضية الوقت في قراءة الجرائد والنقاشات وذلك تحت ظلال أشجارها الوارفة مفترشين العشب الطبيعي . وبرغم أهمية هذه الحديقة لدى «القفاصة» منذ القدم باعتبارها متنفسا بيئيا تشهد مساحتها الداخلية «تصحرا» من خلال الاختفاء القهري للعشب والمزينات التي كانت الأرضية وغياب الإضاءة الكافية نتيجة الإهمال البلدي.