«الشروق» تونس: بدأت المؤشرات تتراكم لتؤكد أن فقدان السيولة في البنوك أصبح حقيقة في خضم توسّع الفوارق بين الإنفاق والمداخيل لدى الدولة والمواطن على حد سواء. وفيما تفاجأ المسافرون القادمون من وجهات مختلفة إلى مطار تونسقرطاج مساء أمس الأول الأحد بفقدان الدينار التونسي في كل فروع الصرف البنكية الموجودة بالمطار يبدو جليا أن لجوء الدولة في الآونة الأخيرة إلى تقسيط دفوعاتها مثل ملحق الزيادة في الأجور أو الزيادة في جرايات المتقاعدين قد عرى وجود أزمة سيولة حقيقية في البلاد. وفي المقابل أكد أحمد الكرمْ رئيس الجمعية المهنية للبنوك أن أزمة السيولة ليست بجديدة. وتعود إلى كون الاقتصاد التونسي هو اقتصاد تداين يشكو من فارق كبير بين المداخيل والإنفاق. لكن هذا الموضوع وضع مؤخرا تحت الأضواء الكاشفة بفعل تغير السياسات النقدية للبنك المركزي الذي قام بتخفيض حجم السيولة التي كان يضخها في السوق النقدية لتغطية الفارق بين المداخيل والمصاريف التي بلغت 16 مليار دينار نهاية 2018. وتابع أحمد كرم أن البنك المركزي لم يتوقف عن ضخ السيولة اللازمة لتغطية هذا الفارق. لكنه قام بترشيدها في نطاق مساعيه الى التحكم في انزلاق الأسعار. فرملة القروض الاستهلاكية وأكد من جهة أخرى أن البنك المركزي التونسي لم يصدر أي منشور يدعو البنوك إلى وقف القروض الاستهلاكية. لكنه شرع خلال المدة الأخيرة في تنفيذ سياسة نقدية ترمي إلى التحكم في ارتفاع مبالغ القروض الاستهلاكية حتى يتم الضغط على طلب البضائع والخدمات ومن ثمة السيطرة على ارتفاع الأسعار. وقد منح البنك المركزي سائر المؤسسات البنكية حرية التعاطي مع هذا التوجه الجديد بحسب الاستراتيجيات لكل بنك وعلاقاته مع حرفائه. تمويل ميزانية الدولة في المقابل أكد الخبير البنكي نزار النفطي أن لجوء الدولة المفرط خلال الآونة الأخيرة الى الاقتراض من البنوك التونسية لسد عجز ميزانية أو خدمة الدين الخارجي أدى آليا إلى أزمة سيولة أو بالأحرى إلى تفاقم أزمة السيولة التي تعود أساسا إلى تغوّل الاقتصاد الموازي الذي تعتمد معاملاته على «الكاش». وأكد أنه في خضم هذا الوضع قلصت سائر البنوك منذ بداية العام بنسبة كبيرة في القروض الاستهلاكية وحتى قروض الاستثمار. ومن جهتها لم تخف مصادر مطلعة مخاوفها من تفاقم أزمة السيولة في المدة القادمة مع تواصل الركود الاقتصادي مقابل تضخم أعباء ميزانية الدولة وتواصل تغول الاقتصاد الموازي رغم الإجراءات الهادفة إلى الحد من تداول السيولة.