أشارت بيانات البنك المركزي الاخيرة إلى رقم لا يقل أهمية عن حجم مخزوننا من العملة الصعبة وهو حجم السيولة التي يضخها لفائدة المنظومة البنكية، حيث بلغ حجم السيولة بتاريخ 1 أوت الجاري 15296 مليون دينار، تمويلات يقع ضخها حتى تتمكن البنوك من القيام بدورها الجوهري وهو تمويل الإقتصاد وخاصة تمويل مؤسسات القطاعين العام والخاص. ويعرف ضخ السيولة للمنظومة البنكية ارتفاعا مضطردا حيث بلغ مع بداية السنة الجارية 2018 اكثر من 11813 مليون دينار ما يعني أنها عرفت زيادة بحوالي 5000 مليون دينار في غضون 8 أشهر وهو رقم ضخم يحتم اطلاق ناقوس الإنذار والوقوف على الأسباب التي تقف وراء النمو المتواصل لحاجيات البنوك من السيولة للوقوف دون تفاقمها. تضاعفت ب5 مرات وكان حجم السيولة قبيل الثورة يبلغ 3000 مليون دينار ليصل في ظرف 8 سنوات الى اكثر من 15200 مليون دينار ما يعني ان حجم ضخ السيولة من قبل البنك المركزي لفائدة المنظومة البنكية قد تضاعف ب5 مرات. أسباب عدة تقف وراء التزام البنك المركزي بتوفير حاجيات البنوك بالنظر وهي أساسا تواصل الوضع الهش للاقتصاد الوطني على خلفية المنحى الانزلاقي لعجز الميزانية والمدفوعات الجارية الناتج عن تعمق الضغوط التضخمية ما جعل تدخلاته المكثفة تتنزل في اطار تعديل السيولة بالنظر إلى ازدياد حجم التمويل الممنوح للقطاع المصرفي بنسق متسارع ما جعل تدخلات البنك نشيطة بهدف تأمين الاستقرار النقدي والمالي للبلاد. ويعزى ارتفاع حاجيات البنوك من التمويل إلى تواصل تمويلهم لخزينة الدولة من خلال منحها قروض رقاعية لتغطية عجز الميزانية وتغطية المصاريف المتفاقمة، هذا بالاضافة للاستهلاك المفرط من قبل التونسيين الذي أدى الى ارتفاع حجم القروض الموجهة للاستهلاك. تقنيات جديدة للتدخل ويتدخل البنك المركزي عبر معهد الإصدار الذي يتدخل في السوق النقدية بهدف تلبية حاجيات البنوك من السيولة وذلك بالأساس عبر طلبات العروضة على امتداد 7 أيام ما جعل الطلب السنوي للتدخل يصعد من 5.617 مليون دينار في سنة 2016 إلى 6.890 مليون دينار في 2017 اي بزيادة قدرها 1.273 مليون دينار أو 22.7 بالمائة. وفي جانب آخر وقصد تغطية حاجياتها من السيولة لجأت البنوك إلى تقنية التسهيلات الدائمة لقرض لمدة 24 ساعة بحجم 700 مليون دينار في المعدل خلال كامل السنة مقابل 102 مليون دينار في 2016. وتبعا لذلك تكثف هذا اللجوء بداية من شهر أوت 2017 وفي ظل شح السيولة ارتفع الحجم الإجمالي لاعادة التمويل ليبلغ 9.250 مليون دينار في 2017 بحساب المعدل السنوي مقابل 6.520 مليون دينار في 2016 ليصل الحجم الاجمالي لإعادة التمويل في 2017 إلى ارتفاع قدره 4.250 مليون دينار أو بارتفاع ب63.3 بالمائة. حنان قيراط