بقلم مرشد السماوي : زيارة رئيس الجمهورية للجزائر خطوة جديدة نحو وحدة اقتصادية وتعاون استراتيجي بين البلدين    بوتين: نشر قوات عسكرية في أوكرانيا يجعلها "أهدافا مشروعة"    طقس الجمعة: أمطار متفرقة مع رياح قوية بهذه المناطق    فتح باب التسجيل في قسم "قرطاج السينما الواعدة ضمن أيام قرطاج السينمائية"    سامي الطرابلسي : "المباراة القادمة برشا مهمة وان شاء الله التأهل لكأس العالم" (فيديو)    لا يعرفان بعضهما.. ملياردير برازيلي يوصي بثروته الهائلة لنيمار    تصفيات كأس العالم 2026: نتائج مقابلات الخميس في أفريقيا    العالم يجنّ: جرّاح بريطاني يُشوّه نفسه من أجل المال    الأخيرة: طالبان تجعل الصور اختيارية في بطاقات الهوية للنساء    ماطر: غلق مشارب ومحلات بيع المرطبات وحمام    فيما «الفريق الفرنسي» يبدأ الاصلاحات ..من يريد عرقلة «مشروع» النهوض بشبان الترجي؟    مع الشروق : عودة مدرسية أخرى دون اصلاح تربوي    نتائجها هزيلة...مؤسسات تربوية تحتاج التقييم    تحسين الخدمات للوافدين الصينيين    فتح باب التسجيل في قسم "قرطاج السينما الواعدة ضمن أيام قرطاج السينمائية"    خطبة الجمعة..في ذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام.. كيف نحب هذا النبي؟    أحبّ الأفعال إلى الرسول الكريم    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    تصفيات مونديال 2026: تونس تقترب من التأهل بعد ثلاثية في شباك ليبيريا    تفشي جديد لفيروس إيبولا في الكونغو الديمقراطية.. و15 حالة وفاة    حمية غذائية قد يقلل خطر ألزهايمر الوراثي: هل تعرف ما هي؟    النفطي يؤكد في القاهرة على ضرورة وقف حرب الإبادة والتجويع ضد الشعب الفلسطيني    نقابة الصيادلة تؤكد العودة التدريجية للتزود ببعض أصناف الادوية بداية الأسبوع المقبل    أنغام تستعد لأولى حفلاتها في الخليج بعد تعافيها من أزمتها الصحية    دعوة للوقاية من فيروس ''حمى غرب النيل'' بعد تسجيل إصابات في زغوان    وزير السياحة : القطاع السياحي في تونس يحتاح الى تطوير خدماته المقدمة للسائح الصيني في ظل تزايد اهتمام الاخير بالسياحة الثقافية    شركة إسمنت قرطاج تحقق أرباحا بقيمة 28،1 مليون دينار إلى غاية موفى شهر جوان 2025    مؤسسة فداء تعلن عن تمتيع أبناء منظوري المؤسسة بمجانية السكن المدرسي والجامعي    قابس: احتفالات دينية بمقام الصحابي سيدي أبي لبابة الأنصاري احتفالا بالمولد النبوي الشريف    رابطة حقوق الإنسان تطالب السلطات الفرنسية بفتح تحقيق جدّي في حادثة قتل شاب تونسي على يد الشرطة الفرنسية    عاجل: وفاة ملك الموضة جورجيو أرماني عن عمر يناهز 91 عاماً    الرابطة الثانية - مكارم المهدية تتعاقد مع متوسط الميدان حازم اللمطي    قيس سعيّد من الجزائر: ''الوحدة الإفريقية حلم يتجدّد''    في أيّ موسم من فصول السنة وُلد رسولنا؟    بطولة العالم للكرة الطائرة أكابر: المنتخب التونسي يشد الرحال اليوم الى الفليبين    الأولمبي الباجي: أجنبي يعزز الفريق .. ومباراة ودية في البرنامج    بورتريه : نيكولاس مادورو ....قاهر الأمريكان    حجز عُلب حليب أطفال مهرّبة بهذه الولاية    الزهروني: الإطاحة بمنحرف روع المتساكنين بالسرقة بالنطر    توقيع مذكرة تعاون بين اتحاد الغرف العربية ومعهد العالم العربي بباريس    جريمة بشعة: أم تقتل رضيعها وتلقيه في القمامة ثم تذهب للتسوق!    رمضان 2026 في قلب الشتاء و أعلى فترات تساقط الثلوج إحصائياً    وزيرة الأسرة تكرّم 60 تلميذا وطالبا من أبناء مؤسسات رعاية الطفولة المتميّزين بالسنة التربويّة 2025-2024    اليوم..الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمعالم التاريخيّة والمتاحف..    بعثة اقتصادية وتجارية لشركات ناشئة تونسية تتحول الى عاصمة الكنغو الديمقراطية كنشاسا    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    قائمة الدول الأغلى عالميا: الحياة فيها مكلفة جدّا    ولاية تونس: انعقاد المجلس الجهوي للأمن حول العودة المدرسية    إدارة ترامب تطلب من المحكمة العليا الإبقاء على الرسوم الجمركية    طقس اليوم: سماء قليلة السحب بأغلب المناطق    فيلم "صوت هند رجب" يهزّ مهرجان فينيسيا بعرضه العالمي الأول    تعاون مشترك في أولويات التنمية    مؤسسة UR-POWER الفرنسية تعتزم الإستثمار في تونس.    تمديد مرتقب للصولد الصيفي أسبوعين إضافيين قبل غلق الموسم!    زغوان: تسجيل إصابة ثانية بمرض "حمّى غرب النيل" منذ اوت المنقضي    المولد النبوي: مِشْ كان احتفال، تعرف على السيرة النبوية...منهج حياة ودروس خالدة    اليوم: أمطار متفرقة في المناطق هذه...وين؟    قفصة: حجز 40 كلغ من الحلويات المستعملة في عصيدة الزقوقو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من البيئة إلى الهواء..تونس تغرق في التلوث
نشر في الشروق يوم 08 - 06 - 2019

احتفلت تونس في الخامس من الشهر الجاري باليوم العالمي للبيئة وسط مؤشرات سلبيّة تؤكّد بان البيئة ما تزال قضيّة مؤجلة وهي التي تحصد مزيدا من التدهور وسط عدم اكتراث رسمي.
تونس(الشروق)
حثّت الأمم المتحدة مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، احتفالا بحملة يوم البيئة العالمي الموافق ل5 جوان من كل عام، على عمل «تحدّي ارتداء القناع» وذلك بأقنعة الوجه في الصور الشخصية دفاعا عن الحق في الهواء النقي وتصدّيا لتلوث الهواء حيث ان «تسعة من كل عشرة اشخاص يتنفسون الهواء الملوث في العالم» وفقا للمنظمة. وليت الحل في اقنعة الوجه. ففي تونس يغيّر الناس على الدوام صورهم ويتفاعلون مع الحملات الوطنية والعالمية دفاعا عن أمهات القضايا ولكن لا يغيّر ذلك في شيء من الواقع فالسلطات الرسمية لا تكترث والقناع الحقيقي يبدو ان السلطة الرسمية ترتديه منذ سقط «لبيب» في مواجهة الملف البيئي. إذ لا شيء يؤشّر ان الملف صاحب اولويّة في البلاد.
التلوث الهوائي
ظلّ الملف البيئي في تونس ما بعد الثورة ملفا مسكوتا عنه لنحصد وضعا بيئيا صعبا نتج عنه تشكّل حراك اجتماعي مدافع عن البيئة وسط صمت رسمي مخجل. فالجميع يتفق في تونس بان الوضع البيئي يتجه نحو مزيد من التدهور مقابل غياب أي استراتيجيا وطنية او سياسة بيئية قادرة على حماية المحيط ومنع انتشار التلوث.
وتفيد معطيات نشرها موقع «نامبيو.كوم» حديثا ان تونس تحتل المرتبة السادسة افريقيا و36 عالميا بنسبة تلوث تقدّر ب68.16 بالمئة. علما وان النسبة الارفع في التلوث في العالم تقدر بحوالي 87 بالمئة في حين تسجّل فنلندا نسبة تلوث لا تتجاوز 11.93 بالمائة.
كما سبق لموقع "ستايت اوف قلوبال آر" ان كشف في تقريره الصادر في 2017 حول تقييم وضع التلوث الهوائي في العالم ان 4500 تونسي ماتوا خلال العام 2015 بسبب التلوث الهوائي فتونس تظهر في الخارطة التي نشرها الموقع ضمن اكثر الدول الملوث هواؤها في العالم إذ تسجّل اعلى معدلات تركز للجزئيات الملوثة في الهواء مقارنة بعدد السكان. كما كشف التقرير ان التلوث الهوائي قتل 2600 تونسي في 1990 و3600 تونسي في 2010. وللهواء الملوث علاقة وفقا للتقرير بامراض الجهاز التنفسي وامراض القلب والسرطانات وأيضا مرض السكري. ويقول التقرير إنّ 47 بالمئة من سكّان العالم كانوا عرضة للتلوث الهوائي خاصة في مناطق افريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا ووسط آسيا وان الصين هي عملاق عالمي لانتاج التلوث الهوائي تليها الهند وباكستان واندونيسيا وبنغلاداش ونيجيريا والولايات المتحدة الامريكية وروسيا والبرازيل والفيليبين. وإن لم تبلغ تونس مستوى التلوث في الدول المذكورة، وهي دول صناعية، إلاّ أنها بالقليل الممكن فيها تحتل مرتبة عالمية متقدمة من حيث التلوث الهوائي.
كما تحتل تونس مراتب أخرى متقدمة من حيث التلوث البحري وتلوث التربة وهي التي تبدو سلطاتها الرسمية عاجزة عن صياغة استراتيجيا واضحة لحماية البيئة والتنمية المستدامة. فنفوق الأسماك في سواحل قرقنة وقابس هو مؤشر حول تلوث البحر بسبب التسربات النفطية والفضلات الكيمياوية الصادرة عن المجمع الكيمياوي.
نزيف التلوث
يشهد مراقبون ونشطاء في البيئة ان آلاف الاطنان من الفضلات الملوثة والمياه الملوثة تسكب بشكل يومي في البحر والبحيرات وفي التربة دون أي استراتيجيا للتثمين وحماية البيئة.
يقول منير بن حسين، ناشط حقوقي في مجال البيئة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إنّ المائدة المائية في ولاية المنستير تشهد نقصا فادحا بسبب الاستغلال المفرط من قبل مصانع النسيج كما تعاني من ارتفاع نسبة التلوث بسبب مادة اكزان الامر الذي يتسبب في امراض جلدية كما تسبب في تاثر غراسات الزيتون وتاثر انتاج الخضر والغلال في المنطقة وذكر ان المنطقة تخسر سنويا ما بين 4 و5 امتار من مائدتها المائية نتيجة كثافة استهلاك المياه من قبل مصانع النسيج والتي تُلقى فضلاتها لاحقا في الوسط الطبيعي سواء في البحر او السباخ او الطبيعة وتمس المائدة المائية.
وتقدّر كمية المياه الملوثة التي تُلقى يوميا في الوسط الطبيعي وفقا لعادل الهنتاتي الخبير الدولي في المجال البيئي ب430 الف متر مربع مما انجرّ عنه تلوّث 100 وادي منها وادي مجردة وكذلك سد سيدي سالم وتأثر 130 مائدة مائية سطحية بالمياه الصناعية الملوثة من مجموع 264 مائدة مائية. ووصف عادل الهنتاتي الوضع البيئي ب»المتدهور» قائلا «لدينا نفايات سامية نعرفها ونعرف مصدرها ومدى تأثيراتها ورغم ذلك لا نفعل شيئا هناك تقصير كبير من الدولة في حماية البيئة والمحيط».
ورغم هذا الوضع البيئي الذي له تداعياته الصحية والبيئية وتداعياته على التنمية المستدامة فإنّ السلطات الرسمية تقف وقفة العاجز عن وضع خطة عاجلة وأخرى استراتيجية لوقف هذا التدهور الذي يمس حقوق أجيال.
وإن كانت حماية المحيط من التلوثات السامة والنفايات الكبرى امرا ضروريا فإن السلطات تبدو أيضا وانها تقف وقفة العاجز امام تراكم التلوث وانتشار الاوساخ في محيط المدن وعلى الشواطئ. وإن كان المواطن شريكا في هذه الجريمة فإنّ السلطة تظل صاحبة المسؤولية الأولى والأخيرة على فرض سلطان القانون والزام الناس باحترام المعايير والنصوص القانونية التي تحمي البيئة والمحيط لضمان ابسط مؤشرات الحياة الكريمة. والسلطة هنا موكولة للسلطة المحلية والتي احتلفت بسنتها الأولى اثر تنظيم اول انتخابات بلدية في البلاد في ماي 2018 ولكنّ هذه المجالس المنتخبة لم تفرز سوى صراعات سياسية بدل تغيير جمالية المحيط في حياة الناس وتغيير وجه المدن.
صفوان قبيبيع (ناشط بيئي مستقل)
الوضع كارثي في قابس
تونس(الشروق) أسماء سحبون
تشهد ولاية قابس خلال السنوات التي أعقبت الثورة تشكّل حراك اجتماعي بارز ضدّ التلوث وذلك دفاعا عن بيئة سليمة وتصدّيا لانتشار أنواع من الامراض الخطيرة والتي هي من افرازات الوضع البيئي المتردي في الجهة.
وقد برز هذا الحراك خاصة خلال عام 2014 حيث ان تشكّل ائتلاف جمعياتي يضمّ 14 جمعية بيئية ناشطة تحت شعار «نحب نعيش» احدث رجّة في الوعي الجماعي في الجهة ليختار تلاميذ الباكالوريا «نحب نعيش» شعارا لدخلة «الباك سبور» كما انخرط أطفال في هذا الحراك وجسّدوا حالة اختناق بسبب تواتر التسربات الغازية من المجمع الكيميائي ثمّ جسّدوا شكلا احتجاجيا تمثّل في الهجرة الجماعية عبر القطار الى خارج المدينة رفضا للتلوث ثمّ العودة للمدينة للاحتجاج والمطالبة ب»نحب نعيش».
ولم يصمد هذا الائتلاف ليبرز حراك جديد تحت شعار «سكر المصب» سرعان ما اختفى بعد ان تداخل فيه ماهو سياسي بما هو بيئي ليبرز خلال غرة ماي الماضي وإثر ظهور الناشط البيئي المستقل صفوان قبيبيع في قناة التاسعة حراك جديد تحت شعار «قلّع». قبيبيع كشف خلال حضوره في البرنامج التلفزي «50/50» حقائق صادمة حول حالة التلوث في المنطقة واكد ان نشاط المجمع الكيمياوي هو نشاط نووي باعتبار وانه ينتج الحامض النووي وهذا اعتراف رسمي من المجمع.
وفي حديثه ل»الشروق» صباح السبت الماضي قال قبيبيع إنّ جامع الحرمة في شط سيدي عبد السلام شهد خلال اللليلة التاسعة من رمضان تسرّب الغازات من المجمع مماّ اضطرّ المصلّين الى مغادرة المسجد هربا من الاختناق.
وقال قبيبيع إن الاحتفال بذكرى اليوم العالمي للبيئة اصبح فلكلوريا لذلك ينقطع نشطاء قابس عن الاحتفال به منذ ثلاث سنوات موضحا «نحن نعيش في مسرح كبير فيه حكومة على دراية بتفاصيل حالة التلوث ولا تقوم باي اجراء لحماية الناس وفيه أيضا شعب واع بأدق تفاصيل المخاطر التي يواجهها بسبب التلوث ولكنه لا ينخرط في أي حراك نحن بصدد التمثيل على بعضنا البعض».
وأضاف ان الوعي البيئي في قابس مرتفع جدا فالناس يعرفون كل التفاصيل لكن الوضعية الاجتماعية تحدد وضعية المواطن فمنهج الدولة واضح إزاء مثل هذه الملفات الا وهو التجويع للاسكات فكلّما تصاعد صوت النشطاء تُطلق بالونة اطلاق مناظرة.
كما قال قبيبيع إن الجهة تضم 25 مدخنة «وماذا يمكن لهذه المداخن ان تفرز عدا تلوثا هوائيا خطيرا» وأضاف «اجسادنا وفلاحتنا وبحرنا وهواؤنا كلها تشهد عن حالة التلوث التي تعيشها المنطقة نحن نعيش في وضع كارثي باتم معنى الكلمة ففي كل عائلة هناك حالة مرض بالسرطان كما ان ضيق التنفس وامراض الربو تنتشر في كل قابس فعن أي قناع تتحدث الأمم المتحدة وعن أي تلوث هوائي يمكن ان تتساءلي. في اعتقادي هذه محافل دولية فضفاضة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.