على مائدة الطعام كان الرئيس أحمد حسن البكر يجلس والى جانبه عبد الرزاق النايف وحردان التكريتي وصدام حسين وحماد شهاب وسعدون غيدان وصالح مهدي عماش. وكان حماد شهاب يضحك وهو يقول :طعام اليوم غزال كله... انتهى الطعام. وخرج من الغرفة سريعا. وكان حردان التكريتي يسير الى جانبه وهو لا يعرف..نظر اليه صدام حسين وقال له (أبو سعد) اليوم تكون المسألة منتهية قال حردان: اليوم؟ أبا عدي نتفاهم، صعدا الدرج المؤدي الى مكتبه جلسا لحظة..نظر اليه صدام في عينيه مباشرة. وقال له : أبو سعد المسألة لا تحتاج الى تفاهم..قال حردان.. حسنا ولكنه لا يتوقع أن تتم العملية في نفس اليوم ومع ذلك عاد يقول: ابو عدي..انت تريد ان تقوم بالعملية في هذا النهار. اخوي سوف تقتلنا. كيف يمكن اتمامها في هذا الظهر؟ الحرس كله يدين بولائه لعبد الرزاق النايف..قال له صدام :كل شيء تم ترتيبه.. تركه جالسا في مكتبه وهو يظن أنه اقتنع بتأجيل العملية الى ساعة أخرى غير هذه الظهيرة وهبط الدرج مسرعا لا يلوي على شيء. ودخل غرفة المرافقين..وقعت عينه على الرفاق الذين واعدهم وقال لهم دون أن ينظر الى وجوههم :اتبعوني....واجتاز بسرعة غرفة السكرتير وكان يقف بها الى جانب السكرتير..سعدون غيدان.ودخل مباشرة الى مكتب رئيس الجمهورية. وكان الرفيق البكر جالسا الى مكتبه وصالح مهدي عماش جالسا أمامه. أما عبد الرزاق النايف فكان جالسا وظهره نحو الباب الخارجي للغرفة. سحب صدام حسين مسدسه ووجهه نحو عبد الرزاق النايف وصاح به : ارفع يديك..التفت النايف اليه وقال : لماذا؟ فلما رأى المسدس موجها اليه وضع يديه على عينيه وقال : عندي أربعة أطفال..فقال له صدام :لاتخف أنت وأطفالك لن يحدث لكم شيء اذا سلكت سلوكا طبيعيا.عبد الرزاق أنت تعرف أنك دخيل على الثورة وأنت حجر عثرة في طريق الحزب. وهذه الثورة دفعنا من أجلها دم القلب حتى رأيناها. إن قرار الحزب هو إزاحتك من طريقه. انتزع مسدسه من جانبه. وهو يسمع المسدسات في أيدي رفاقه من خلفه تسحب طلقاتها ووقف صالح مهدي عماش يريد تخفيف الموقف قائلا :انتظروا ودعونا نتفاهم...توجه اليه صلاح عمر العلي وجره من يده. وأجلسه على مقعده. فجلس دون أن يحاول التحرك مرة أخرى. فقال عبد الرزاق النايف بعد أقل من لحظة :ماذا تريدون مني؟سحبه صدام من يده ودخل به الى الغرفة المجاورة وهو يقول له :عبد الرزاق نحن لن نقتلك هذا هو ما لك علينا..أما الذي عليك لنا فهو أن لا تحاول أن تتحرك اية حركة تدفعنا الى قتلك ولابد لك من أن تخرج من العراق..فأن تريد ان تتوجه؟ في اي سفارة؟ قال النايف : اذهب الى لبنان قال صدام :لا.. قال النايف : طيب الجزائر قال صدام : لا قال النايف : اذن اذهب الى المغرب قال صدام : موافقون. رفع صدام حسين سماعة التلفون فرد عليه عامل السويتش: نعم سيدي. فقطع السلك على الفور ونظر الى برزان وجعفر الجعفري وقال لهما: انتما تقفان هنا الى جانبه ولا تتحركا من هذا المكان حتى لو انتقل الكون من موضعه وإذا حاول أن ينهض من مقعده أو اذا سمعتم صوت اطلاق نار في الخارج ومقاومة.أطلقوا عليه النار فورا. هل سمعت يا عبد الرزاق الأوامر؟ قال :نعم سمعتها.. وخرج من الغرفة بعد أن أغلقها وتوجه الى مكتب الرئيس، سحب صالح مهدي عماش من يده وخرج به من المكتب الى غرفة السكرتير. فوقعت عيناه على سعدون غيدان. فاندفع نحوه صدام وقبله..وهو لا يدري ماذا جرى.قال سعدون : ابو عدي ما هي القصة؟ قال له صدام : انتهينا من عبد الرزاق النايف حسب اتفاقنا ابو سمرة. هذا صالح مهدي عماش معك. تذهبان الآن مباشرة الى كتيبة الدبابات وتجلسان هناك فذهبا رأسا وكان طه الجزراوي قد توجه الى وزارة الدفاع حيث كان مبلغا من صدام حسين أن يكون واجبه في مقر وزارة الدفاع بينما كان اللواء حماد شهاب يحيط السياج الخارجي للقصر بدبابات اللواء المدرع العاشر. (يتبع)