السجن 12 سنة لتونسية هرّبت الكوكايين من تركيا داخل حقيبة سفر    نقابة الصحفيين تدعو لتسريع تنقيح "المرسوم 54" والمصادقة على إحداث خطة "مدرس مادة التربية على وسائل الإعلام"    Titre    وزير التجهيز انطلاق تعبيد 31.12 كلم من المسالك الريفية بولاية القيروان    الأمم المتحدة: السخانة الشديدة باش تولي عادة.. ولازمنا نتأقلم مع الجو الجديد    عاجل: والد يوسف البلايلي يكشف سبب إيقاف ابنه في مطار بفرنسا    ارتفاع استهلاك ''الزطلة'' عند الأعمار بين 15 و17...التفاصيل    عاجل/ السبب ليس الغرق: وفاة شاب بهذا الشاطئ في بنزرت    وفاة مفاجئة للمطرب المصري الشاب أحمد عامر    الدورة 20 لمهرجان أيام السينما المتوسطية بشنني قابس من 15 إلى 19 أكتوبر 2025    وزارة الفلاحة تُحذّر من مرض ''بومريرة''    صادم: فيديو تحرش بفتاة في مكتب بريد بهذه الجهة..فتح تحقيق وايقاف المتهم..    كأس السوبر: نحو اقامة مباراة فاصلة بين الملعب التونسي والاتحاد المنستيري يوم 27 جويلية بملعب الطيب المهيري بصفاقس    الإتحاد المنستيري: حقيقة خلاف فوزي البنزرتي والهيئة المديرة    تنسيقية 412 تدعو رئيس الدولة للتدخل لمطالبة البنوك التونسية بتطبيق القانون والحفاظ على السلم الاجتماعي    مصدران أميركيان: إيران أجرت استعدادات لتلغيم "مضيق هرمز"    زلزال بقوة 5.4 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عاجل/ تفكيك خلية "داعشية" كانت تخطط لهجمات إرهابية..    أكلات تونسية خفيفة وسريعة تناسب الصيف وتنجم تهزها معاك للخدمة    محاضرة بعنوان "حوار على ضوء القيم ... عندما يصبح التسامح ثقافة والسلام خيارا" بمقر الالكسو    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية يستقر في حدود 7.5 بالمائة خلال شهر جوان 2025    علاش برشة جلطات قلبية تصير بالليل؟ الأسباب والنصائح اللي لازمك تعرفها    في تونس: الإدمان لم يعُد حكرا على المخدّرات...تفاصيل صادمة    سخانة غير عادية تستنى فينا ابتداء من النهار هذا    باش تمشي للبنك؟ هذا هو توقيت الصيف للتوانسة الكل!    ترامب يشهر سلاح الترحيل بوجه ماسك    بلدية تونس تسلط 49 مخالفة صحية على محلات مفتوحة للعموم    كأس العالم للأندية: برنامج الدور ربع النهائي    غوف تودع ويمبلدون من الدور الأول    ماهي التيارات الساحبة وكيف نتعامل معها؟ خبير في المناخ يُوضّح..#خبر_عاجل    الرابطة الأولى: الملعب التونسي يتعاقد مع 3 لاعبين    نحو شفافية أكبر في أسواق الجملة: توقيع اتفاقيتين لتركيز منظومة الفوترة الإلكترونية    ماهر الهمامي يدعو إلى إنقاذ الفنان التونسي من التهميش والتفقير    البطولة الفرنسية : جيرو يوقع عقدا لمدة عام واحد مع ليل    كيفاش تستغل دارك والا محلك وتدخل منهم فلوس؟    أسامة الرمضاني يكشف عن تعرضه للسحر: "علاه شعملتلكم؟!"    عاجل : النادي الإفريقي يتعاقد مع هذا الحارس    رصد موجات تنبئ بتسونامي في المتوسط.. ما حقيقة الفيديو الذي أثار الرعب..؟!    شنوة عامل في دارك و القباضة تقيّمها أغلى من جارك؟    أمطار غزيرة ورياح قوية تضرب المرتفعات...الرصد الجوي يُحذّر!    وزارة الفلاحة تدعو شركات تجميع الحبوب إلى الحذر من أمطار محتملة واتخاذ الاحتياطات اللازمة    وزير السياحة يلتقي ممثلي الجامعة التونسية للمطاعم السياحية والجمعية التونسية لمهنيي فن الطبخ    رئيس الجمهورية يشدد على ضرورة الإسراع بوضع نظام قانوني جديد يحفظ حقوق الأطبّاء والإطار شبه الطبّي والعُمّال    هجوم إلكتروني يكشف بيانات ملايين من ركاب شركة طيران أسترالية شهيرة    بومهل البساتين.. الحرس الوطني يطيح بمروع المواطنين قرب "ازور سيتي"    موسم الحبوب: تجميع 8.325 مليون قنطار    كيف تؤثر حرارة الصيف على مزاجنا وسلوكياتنا اليومية؟    تاريخ الخيانات السياسية (2)... قصّة أبي رُغال في هدم الكعبة    عاجل/ قريبا.. هذا موعد الإنتهاء من مشروع "جسر الطاقة" بين تونس وإيطاليا    إطلاق إستشارة عمومية حول مشروع كُرّاس الشروط المتعلق بممارسة نشاط خدمة شحن السيّارات الكهربائية    هدى بوسيف رئيسة جمعية تواصل بايطاليا: " نعمل على تعليم أطفال المهجر و علاج أطفال الداخل "    "نغمات 3" في مدينة الثقافة:الدخول مجاني لسهرة الطرب و"الربوخ"    صبّ المال وهات"... أغنية جديدة للفنانة زازا "    مهرجان مالطا السينمائي لأفلام البحر المتوسط : الفيلم التونسي "وين ياخذنا الريح" لآمال القلاتي يفوز بجائزة النحلة الذهبية لأفضل فيلم طويل    أولا وأخيرا: «قرط» وتبن وقش    استبدال كسوة الكعبة مع بداية العام الهجري    مطرزا بالذهب والفضة والحرير.. السعودية تكسي الكعبة ثوبها السنوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خميس أسود أطلّ برأسه
نشر في الشروق يوم 28 - 06 - 2019

هو يوم ليس كسائر الأيّام، أوشك أن يكون خميسا أسود مذكّرا بيوم خطير جدا عرفته بلادنا منذ أكثر من أربعين سنة.
خميس أسود أطلّ برأسه بقصتين مرعبتين الأولى ارهابية اهتزّ لها وسط العاصمة والثانية تهم الوضع العام في البلاد في علاقة بالحالة الصحيّة لرئيس الدولة.
هجمة شرسة معادية
طوفان من الإشاعات رافق الخبرين وهجمة شرسة قادتها قوى معادية لبلادنا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائيّة، في محاولة لبثّ الفتنة وارباك الوضع والذهاب به الى حالة الفراغ الدستوري في أعلى هرم السلطة واحداث الفوضى.
ولكن شيئا فشيئا توضّحت الصورة وانجلت الحقيقة، انهيار لمنظومة الكذب والإشاعات والفتنة، انهزم الإرهاب، ورعاته، مرّة أخرى، إذ سرعان ما عادت الحياة الى طبيعتها المعتادة الى شوارع العاصمة، ونسي هؤلاء أنّ التونسيّين لا يخشون مثل هذه الاجندات التخريبية وأنّهم موحدون صفّا متراصّا وفي وحدة وطنيّة صمّاء ضدّ الظاهرة الارهابيّة وكلّ أشكال التطرّف والغلوّ، ممّا جعل وسيجعلُ كلّ محاولات التخويف بالارهاب فاشلة، مثلما كان مصيرها دائما.
ربط كثيرون أمس بين الحادثتين الارهابيّين والتسويق الرهيب لإشاعة وفاة رئيس الدولة، فقد تزامنت الأحداث بشكل رهيب، ليظهر لاحقا أنّ الرئيس طلب بنفسه نقله الى المستشفى العسكري، وتتواتر الأحداث لتؤكّد تماسك أجهزة الدولة ومناعتها وجاهزيتها، فقد تحوّل رئيس الحكومة بنفسه الى وسط العاصمة وانتقل من هناك الى عيادة رئيس الدولة بالمستشفى العسكري، وعقد مكتب مجلس النواب بكامل أعضائه جلسة لتدارس الوضع وادانة العملية الارهابيّة، بشكل أظهر أنّه لا خوف من سيناريوهات الفراغ في مؤسّسات الحكم وأنّ الدستور كفيل بتحقيق الاستمراريّة مهما كانت السيناريوهات، حتى تلك المرعبة والمخيفة والمفاجئة منها.
الصدمة الإيجابية أو ربّ ضارة نافعة
الخميس الأسود الذي أطلّ برأسه بيافطتي «التهديد بالإرهاب» و»التخويف بالفراغ الدستوري» انهار بصمود التونسيّين ووحدتهم وبحسن اشتغال مؤسّسات الدولة وعدم اضطرابها، ولكن، على قاعدة ربّ ضارّة نافعة، كشف هذا الخميس بالصدمة الشديدة التي أحدثها عيوبا كثيرة وانتهى إلى حصاد يُمكن استثماره إيجابيا لتفادي أوضاع معقدة وصعبة قد تقع فيها البلاد مستقبلا.
ومن أبرز تلك الدروس:
1 انكشاف نوايا الكثيرين، محليّا وإقليما ودوليا، تجاه بلادنا وتهديد تجربته في الاستقرار وإنجاح المسار الديمقراطي الانتقالي، ممّا يجعل من الهامّ مستقبلا فرز هذا الكم الهائل من الإشاعات الموجّهة ضدّ بلادنا ومزيد تعزيز الصف الوطني والوحدة في التصدي لكلّ المؤامرات والفتن ومزيد الحذر تجاه الظاهرة الارهابيّة توقيّا منها، بدعم قوات الأمن والجيش بالمزيد من الآليات والتجهيزات ومزيد تحفيز الاستخبارات وعناصر الأمن الوقائي.
2 - الإسراع بتركيز المحكمة الدستوريّة وتجاوز كلّ الخلافات بشأنها تأمينا للحياة السياسية وسير دواليب الدولة من النزاعات الخطيرة أو المغامرة بحلول غير دستوريّة لاوضاع طارئة واستثنائيّة ممكنة الوقوع.
3 - الإسراع، أيضا، بتنقية المناخ السياسي تهيئة للانتخابات التشريعية والرئاسيّة القادمة، وذلك بوقف كلّ أشكال التعطيل للإجراءات الانتخابيّة، الترتيبية الدستوريّة، والحسم سريعا في مآل التعديلات الأخيرة للقانون الانتخابي في أجواء من التوافق والتفاهم والانسجام وتغليب المصلحة الوطنيّة العليا للبلاد دون سواها.
وفي كلّ ذلك، المسؤوليّة جماعيّة، لا مهرب لأحد منها، وعلى كلّ طرف أو جهة القيام بما هو منوط بعهدته وما مطلوب منه القيام به دون تراخ ولا اعتبارات ضيّقة أو فئويّة أو شخصيّة أو حزبيّة.
4 - المكانة المحوريّة لمؤسّسة رئاسة الجمهورية ووقعها الكبير لدى عموم الشعب، برغم الصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهوريّة، وهذا ما يستدعي من النخبة السياسيّة اعادة النظر في النظام السياسي الحالي ومزيد تمتين أركانه وتعزيز قدرات مختلف الفاعلين فيه وتوضيح مهام كلّ طرف منهم.
5 - خطورة اندراج بلادنا والدفع بها في معركة المحاور الإقليمية والخارجيّة الكبرى، والتي لا مصلحة لبلادنا فيها الا مزيد إرهاق اوضاعنا وتهديد وحدتنا الوطنية وتماسكنا المجتمعي واقتصاد الوطني، لذا علينا الحرص على سدّ كلّ المنافذ التي قد تتمعّش منها الجهات المناوئة وتبثّ من خلالها سمومها وأحقادها، وأن نجعل من خلافاتنا وصراعنا شأنا محليّا صرفا وأن نعود ببلادنا الى موقع الحياد ورفض الانسياق وراء أجندات المحاور وصراع الكبار الذين لا حول لنا ولا قوّة أمام ما لديهم من إمكانيات ومخططات جهنميّة للهدم والتخريب.
الخروج السريع من واقع الأزمة
إنّ واقع التأزّم السياسي والمجتمعي هما الحاضنتان الرئيسيّتان لسرطان الإرهاب وداء الإشاعات المغرضة والمدسوسة بغاية إحداث الفتنة وارباك أوضاع البلاد ومزيد تأجيجها لضرب استقرار مؤسّسات الحكم والمسار الديمقراطي، لذا فالخروج السريع من واقع الأزمة السياسية التي طالت أكثر من اللزوم، وهنا لا بدّ للاحزاب والقوى الفاعلة أن تتحلّى بروح المسؤوليّة وأن تتفاعل بإيجابيّة مع الدعوة التي أطلقها نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وشدّد عليها محسن مرزوق رئيس حركة مشروع تونس بالعودة الجماعيّة للحوار دون إقصاء أو استثناء، إذ لا أحد مستفيد من تواصل الغموض والضبابيّة ووضع التداخل والريبة وغياب الثقة الذي يضرب أركان البيت السياسي التونسي.
رحم الله الشهيد مهدي بناني، وشفى الله الجرحى من قوات الأمن والمواطنين، وخيّب الله مسعى الارهابيّين ومن يقف وراءهم تمويلا وتوجيها، ومنح الله رئيس دولتنا الصحّة والسلامة.
تونس ستظل واقفة، وشعبها سيبقى شامخا مفتخرا بثورته وديمقراطيته ومؤسّساته المنتخبة بجميع مستوياتها، ناظرا الى المستقبل بتفاؤل دائم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.