تونس (الشروق) تلكّأ البرلمان في انتخاب جزء من أعضاء المحكمة الدستورية،حتى كاد يوقع البلاد في أزمة دستورية بسبب احتكارها لمهمة معاينة الشغور في منصب رئاسة الجمهورية. علقت تونس في جدل عقيم منذ أيام،حول الإشكالات القانونية التي خلّفها غياب المحكمة الدستورية والازمة التي نبّه عدد من الخبراء في علاقة بغياب الجهة التي من حقها دستوريا معاينة الشغور في منصب رئيس الجمهورية ان كان شغورا وقتيا او شغورا نهائيا ، هذا الجدل لم ينته الى حل جذري للازمة بقدر ما قدّم حلولا ومقاربات يمكن الاقتداء بها. إشكالات قانونية غياب المحكمة الدستورية ،أكّد الخبراء انه يحيلنا الى غياب الهيكل المكلف اصالة بمعاينة الشغور وهو ما يجعل الخطوات التي تلي عملية معاينة الشغور،تعتريها إشكالات قانونية في مستوى التنفيذ، وللخروج من هذه الأزمة تم تقديم عدد من المقترحات التي تستند إلى أسس مختلفة، يمكن اعتماد واحدة منها لتجاوز الفراغ. مقاربات الخبراء في القانون الدستوري يمكن القول انها ذهبت في ثلاثة سياقات أساسية، الأول يتعلق بإمكانية تنقيح القانون المحدث للمحكمة الإدارية لتضطلع بوظيفة معاينة الشغور، لكن هذا المقترح يصطدم بعائق توقيع رئيس الجمهورية فمشروع القانون الذي سينقح قانون المحكمة الإدارية يمر عبر البرلمان ليصادق عليه ثم يحال الى رئيس الجمهورية ليوقع عليه وهو ما يسقط هذه المقاربة. هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين أما السياق الثاني فيتعلق بإمكانية تنقيح القانون المحدث للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وهي هيكل ينظر في مدى دستورية مشاريع القوانين الى حين تركيز المحكمة الدستورية، وهذا المقترح يواجه نفس الإشكاليات المطروحة في المقاربة الأولى. أما السياق الثالث فيتعلق بتمكين البرلمان من صلاحية المعاينة، وتتخذ هذه المقاربة مشروعيتها من اعتبار مجلس نواب الشعب مؤسسة منتخبة من طرف الشعب، وموازية لرئاسة الجمهورية من حيث الجهة التي تمدها بالشرعية وبالتالي يمكن للبرلمان ان يقوم بوظيفة المعاينة. مجلس حكماء أستاذ القانون ونائب المجلس الوطني التاسيسي رابح الخرايفي، شدّد على انه يمكن لرئاسة الحكومة او كتلة في مجلس نواب الشعب تقديم مشروع تنقيح قانون تنظيم الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ومنحها صلاحية معاينة الشغور الوقتي لرئاسة الجمهورية، مشيرا إلى ان الاخبار التي تم تداولها مؤخرا تشير الى ان رئيس الجمهورية استفاق وبالتالي يمكنه توقيع مشروع القانون ،باعتبار ان مشروع القانون يجب ان يتم توقيعه من قبل رئيس الجمهورية قبل نشره في الرائد الرسمي. أما الاقتراح الثاني فيتمثل في دعوة البرلمان الى تكوين مجلس حكماء او عقلاء يتكون من الرئيس الأول لمحكمة التعقيب والرئيس الأول للمحكمة الإدارية ورئيس الحكومة والفريق الطبي المباشر للرئيس ، ويمكن لهذا الهيكل ان يتحول الى هيئة معاينة . كما اعتبر الخرايفي ان تونس امام ما يسمى «باستحالة قانونية « مشيرا الى ضرورة حل الازمة بشكل سريع قبل ان يحل اجل توقيع الرئيس على دعوة الناخبين يوم 6 جويلية 2019 . البرلمان يعاين اما نائب الجبهة الشعبية منجي الرحوي فشدّد على ان نواب الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية اقترحوا قيام البرلمان بدور المحكمة الدستورية والقيام بمعاينة الشغور الوقتي أو الدائم من عدمه في منصب رئيس الجمهورية ..واعتبر الرحوي ان هذا المقترح لا يرتكز على فصل دستوري أو قانوني، وإنما على مبدإ» الشرعية « مشيرا الى ان البرلمان سلطة منتخبة من طرف الشعب مثل رئاسة الجمهورية . الفصل 84 ينص الفصل 84 من الدستور التونسي على أنه «عند الشغور الوقتي لمنصب رئيس الجمهورية، لأسباب تحول دون تفويضه سلطاته، تجتمع المحكمة الدستورية فورا، وتقرّ الشغور الوقتي، فيحل رئيس الحكومة محل رئيس الجمهورية. ولا يمكن أن تتجاوز مدة الشغور الوقتي ستين يوما، وإذا تجاوز الشغور الوقتي مدة الستين يوما، أو في حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته كتابة إلى رئيس المحكمة الدستورية، أوفي حالة الوفاة، أو العجز الدائم، أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي، تجتمع المحكمة الدستورية فورا، وتقرّ الشغور النهائي، وتبلّغ ذلك إلى رئيس مجلس نواب الشعب الذي يتولى فورا مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما».