حل الصيف ...وكان لابد من رفيق طربي يرافقنا على امتداد هذا الفصل بحرارته وبحره وسهر الليالي فيه من خلال ملحق «الصيف» الذي أصبح من التقاليد الحميدة التي أسست لها جريدة «الشروق»... ووقع الاختيار على ان يكون المطرب العربي الخالد محمد عبد الوهاب رفيق هذه الرحلة من خلال التوقف عند مسيرته الفنية المتفردة منذ ولادته حتى رحيله ...سر خلوده في ذاكرة كل محبي الطرب العربي الأصيل ...فلسفته في الحياة هو محمد عبد الوهاب الذي التحق بالرفيق الأعلى عن سن ناهزت التسعين عاما.. عمر مديد سخر فيه كل علاقاته وامكاناته لخدمة فنه ***** موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب واحد من هؤلاء الذين وصلوا للعالمية، وتجاوز إنتاجه الفني حدود المحلية، بعدما استطاع أن يصل بألحانه مع عظماء الغناء والطرب المصري إلى قلب القارة العجوز، ويصنع اسمًا جعله على القمة بين أقرانه من الملحنين ومؤلفي الموسيقى في مصر والعالم العربي كان عبد الوهاب بالنسبة لجيله العلامة الذى طور شكل الموسيقى العربية، وجعلها تخرج خارج الحدود، وتمنت الأجيال المتعاقبة أن يكون معها عبد الوهاب، تنهل من علمه، وتستزيد من موسيقاه البديعة، ومن فنه الجميل، والاستفادة من نصائح صناع الأجيال هذه العلامة الناصحة والشامخة والخالدة في المدونة الموسيقية العربية والعالمية من مواليد حارة الشعراني بحي باب الشعرية في القاهرة سنة 1901 ...والده عبد الوهاب محمد عيسى الشعراني من لبلدة أبو كبير شرقية ...نزح مع عائلته الى القاهرة، حيث عمل شيخا لمسجد الشعراني، واقام بحارة برجوان بباب الشعرية ومحمد عبد الوهاب هو اخر العنقود لأربعة اشقاء « حسن واحمد وعائشة وزينب» .. وقد أصيب وله من العمر سنتان بنزلة معوية حادة ..كان فيها مهددا بالموت في أي لحظة الا انه تعافى بفضل الله ورعايته . في السابعة من عمره كان محمد من المواظبين على الاستماع لحلقات الذكر التي كانت تقام في المسجد بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العشاء وبدا في ترتيل القران وحفظ الموشحات وترديد اغاني اساطين الطرب في تلك الفترة وخاصة أغاني سلامة حجازي التي كان يشدو بها لأترابه وكان تصفيقهم له خير حافز على المواصلة في هذا التوجه على اعتبار انه أصبح يحمل لقب « مطرب الحارة» كبرت هواية الموسيقى عند محمد عبد الوهاب وبدا يتلقف ما يسمعه من أغاني مشاهير المطربين ويردده على اسماع صبية الحارة