لا يبدو ان التوتر بين امريكاوايران ذاهب الى الانفراج على الاقل في المدى القريب، والاكثر من ذلك ان دائرته توسّعت واصبحت مواجهة ايرانية غربية بدأت بحرب احتجاز الناقلات ولا نعرف اين وكيف ستنتهي. أقل ما يمكن قوله عن الشرق الاوسط هذه الايام أنه أصبح برميل بارود سينفجر مع أي فتيل صغير كان او كبير وذلك بسبب الولاياتالمتحدة التي تجر حلفاءها الغربيين والعرب قسرا الى مواجهة ايران. أمريكا وبعد ان فشلت في تركيع القيادة الايرانية والاطاحة بالنظام هناك ورغم الصفعات التي تلقتها والتي كان اخرها اسقاط طائرة لها في مضيق هرمز، دفعت ببريطانيا الى الفخ باحتجاز ناقلة نفط ايرانية في مضيق جبل طارق. ولأن ايران ليست اي دولة يمكن تركيعها وارضاخها فإن ردها جاء سريعا باحتجاز ناقلة نفط بريطانية رافعة بذلك سقف التحدي والمواجهة مع واشنطن وحلفائها الذين لايزال يربطهم بإيران الا الاتفاق النووي وقد ينهار في اي لحظة. ومن هذا المنطلق فإن المواجهة اذن تحولت من حرب تفجير الناقلات النفطية سابقا الى حرب الاحتجاز التي قد تتوسع وتفتح الباب امام شرارة المواجهة التي لن تكون مع ايران فقط بل مع حلفائها الذين يضعون أيديهم على الزناد. القيادة الايرانية ورغم تجنّبها المواجهة، تريد ارسال رسالة واضحة وقوية لأمريكا والغرب ان لا تراجع ولا رضوخ تجاه اي خطوة عدوانية ضدّها وسيكون الاجراء بالإجراء حتى وان تطور الامر الى المواجهة. والمهم بالنسبة لإيران الآن ان لا تكرّر خطأ العراق الذي حوصر وجوّع ثم استبيح لاحقا، وهذا ما تسعى اليه واشنطن حاليا التي تؤلّب حلفاءها على حصار طهران اقتصاديا من اجل ارضاخها للإملاءات الصهيونية. كان لافتا هذا الاسبوع اعلان البيت الابيض عن جولة شرق اوسطية لكوشنر صهر ترامب الذي سيزور كل من الكيان الصهيوني ومصر والاردن والسعودية وقطر والهدف واضح حشد الدعم ضد ايران بالإضافة الى طرح «صفقة القرن». كوشنر صرّح أنه «ليس هناك تهديد للأمن الإقليمي أكبر من إيران، ومعارضتها باتت تقرب بين العرب وإسرائيل»...لذلك يواصل اذكاء الصراع الطائفي والعسكري في المنطقة لحصر ايران في الزاوية. ولا شك ان الإدارة الأمريكية تسعى لكسر «التابو» القديم، وتريد تحويل بوصلة العداء من الكيان الصهيوني نحو إيران، حيث يسعى كوشنر إلى دمج الكيان الصهيوني في المحيط العربي، مستغلا التوترات مع إيران لتحقيق أهدافه. وبدا جليا خلال الفترة السابقة انه لولا وقوع مصالح الولاياتالمتحدة في الخليج تحت التهديد الايراني الذي لن يتوانى في استهدافها، لكانت واشنطن وحلفاؤها خاصة الكيان الصهيوني على الحدود الايرانية. ولذلك تحديدا تعي طهران ان اي تراجع او تنازل سيكون بمثابة الانتحار الذي سينهي وجودها في ظل تعطّش صقور الادارة الامريكية للدماء ولتدمير الخصم اللدود للكيان الصهيوني. الرئيس الإيراني حسن روحاني قال إن بلاده لا تريد زيادة التوترات في المنطقة أو مع البلدان الأخرى، ولن تبدأ حربا أبدا...هذا مؤكد لكن في المقابل فإن هذه الحرب وان اندلعت فإن انهاؤها سيكون مستحيلا.