في شهر أكتوبر سنة 1930 تمكن الطليان من الاشتباك مع المجاهدين في معركة كبيرة عثروا عقب انتهائها على نظّارات عمر المختار، كما عثروا على جواده المعروف مجندلًا في ميدان المعركة؛ فثبت لهم أن المختار ما زال على قيد الحياة، وأصدر غراتسياني منشورًا ضمنه هذا الحادث حاول فيه أن يقضي على «أسطورة المختار الذي لايقهر أبدًا» وقال متوعدًا: « لقد أخذنا اليوم نظارات المختار وغدًا نأتي برأسه» . وفي 11 سبتمبر من عام 1931 توجَّه عمر المختار بصحبة عدد صغير من رفاقه، لزيارة ضريح الصحابي رويفع بن ثابت بمدينة البيضاء. وكان أن شاهدتهم وحدة استطلاع إيطاليَّة، وأبلغت حامية قرية السلنطة التي أبرقت إلى قيادة الجبل باللاسلكي، فحرّكت فصائل من الليبيين والإرتريين لمطاردتهم. وإثر اشتباك في أحد الوديان قرب عين اللفو، جرح حصان عمر المختار فسقط على الأرض. وتعرّف عليه في الحال أحد الجنود المرتزقة الليبيين ، يقول المجاهد التواتي عبد الجليل المنفي، الذي كان شاهدًا على اللحظة التي أُسر فيها عمر المختار من قبل الجيش الإيطالي: « كنَّا غرب منطقة سلنطة... هاجمنا الأعداء الخيَّالة وقُتل حصان سيدي عمر المختار، فقدَّم له ابن اخيه المجاهد حمد محمد المختار حصانه وعندما همَّ بركوبه قُتل أيضًا وهجم الأعداء عليه.. ورآه أحد المجندين العرب وهو مجاهد سابق له دوره. ذُهل واختلط عليه الأمر وعزَّ عليه أن يُقبض على عمر المختار فقال: «يا سيدي عمر.. يا سيدي عمر!!» فعرفه الأعداء وقبضوا عليه» . نُقلت برقية من موريتي، النبأ إلى كلٍ من وزير المستعمرات دي بونو وحاكم ليبيا بادوليو والفريق أوَّل غراتسياني، جاء فيها: «تمَّ القبض على عمر المختار.. في عملية تطويق بوادي بوطاقة جنوب البيضاء. وقد وصل مساء الأمس إلى سوسة الكومنداتور دودياتشي الذي تعرف عليه ووجده هادئ البال ومطمئنًا لمصيره، الخسائر التي تكبدها المتمردون هي 14 قتيلًا». وتمَّ استدعاء أحد القادة الطليان، وهو متصرف الجبل الأخضر دودياشي الذي سبق أن فاوض عُمر المختار للتثبت من هوية الأسير. وبعد أن التُقطت الصور مع الأسير، نُقل عمر المختار إلى مبنى بلدية سوسة، ومن هناك على ظهر طرَّاد بحري إلى سجن بنغازي مُكبّلًا بالسلاسل. يقول غراتسياني في مذكراته أنَّه خلال الرحلة إلى بنغازي، تحدَّث بعض السياسيين مع عمر المختار ووجهوا إليه الأسئلة، فكان يجيب بكل هدوء وبصوت ثابت وقوي دون أي تأثر بالموقف الذي هو فيه. وقال أيضًا: «هذا الرجل اسطورة الزمان الذي نجا آلاف المرات من الموت ومن الأسر واشتهر عند الجنود بالقداسة والاحترام لأنه الرأس المُفكر والقلب النابض للثورة العربيَّة (الإسلاميَّة) في برقة وكذلك كان المُنظم للقتال بصبر ومهارة فريدة لا مثيل لها سنين طويلة والآن وقع أسيرًا في أيدينا» .