في فيفري 1972 قام صدام حسين بزيارة للاتحاد السوفياتي على رأس وفد رسمي وحزبي كبير ثم تلتها زيارة ألكسي كوسيغين رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي للعراق، وجرى خلالها التوقيع على معاهدة الصداقة والتعاون بين العراق والاتحاد السوفيتي في أفريل 1972 . وأثناء زيارته للقطر عقد كوسيغين اجتماعا مع اعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي. في نطاق تبادل وجهات النظر بين الحزبين الشقيقين وأصدر الحزب الشيوعي بعدها بيانا بمناسبة توقيع المعاهدة قال فيه : ان الحزب الشيوعي العراقي اذ يعتبر عن ترحيبه البالغ بالمعاهدة العراقية – السوفيتية. فانه كان يتابع باهتمام تطور العلاقة بين العراق والاتحاد السوفيتي لاسيما بعد زيارة الوفد العراقي الحزبي والحكومي للاتحاد السوفيتي في فيفري عام 1972 . واليوم وقد تكللت جهود الجانبين الصديقين بالنجاح في توقيع معاهدة الصداقة والتعاون فان حزبنا الشيوعي العراقي يثمن ايجابيا هذه الخطوة التاريخية وهو يعلن عن استعداده الكامل للعمل بكل طاقاته دون تحفظ للتعاون مع حزب البعث العربي الاشتراكي... من اجل ان تخفق راية الصداقة العراقية – السوفيتية عاليا... وبعد ان اعلن الحزب الشيوعي موقفه ذاك طلبت منه قيادة حزب البعث، الاشتراك في الوزارة بمقعدين فعقدت اللجنة المركزية اجتماعا طارئا لدراسة الموضوع وقررت اتخاذ موقف ايجابي من الدعوة والموافقة على الاشتراك في الوزارة: ودخل من اعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الى الوزارة العراقية. عامر عبدالله و مكرم الطالباني. وفي 17 جويلية 1973 بعد سلسلة من الاجتماعات بين ممثلي الطرفين اعلن عن توقيع البيان المشترك بين حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي العراقي وقعه عن حزب البعث امين سر القيادة القطرية احمد حسن البكر وعن الحزب الشيوعي عزيز محمد السكرتير الاول للجنة المركزية. ونشرت جريدة الثورة وجريدة الفكر الجديد نص ميثاق العمل الوطني وقواعد العمل في الجبهة وكان يتضمن بوضوح الاعتراف الصريح من جانب الحزب الشيوعي بان حزب البعث العربي الاشتراكي يحتل موقعا متميزا في قيادة الجبهة وفي هيئاتها وانه يقود السلطة السياسية في الدولة كما يقود مؤسساتها الدستورية كما نص صراحة على الالتزام بعدم ممارسة النشاط الحزبي في داخل القوات المسلحة لغير الحزب القائد للثورة بوصفها احدى المؤسسات الثورية المهمة التي يمثل الامتداد من قبل الاحزاب والمنظمات السياسية الى صفوفها خطرا على وحدتها. وفي كل مكان خارج العراق وعلى امتداد الوطن العربي كله اعتبر المناضلون القوميون والتقدميون من كافة الاحزاب والمنظمات والتيارات القومية التقدمية هذا الاتفاق الاخير واحدا من الانجازات المهمة لثورة العراق.. يمكن ان يكون له صدارة وإشعاعه الخارجي كما يمكن ان تكون له افاقه الايديولوجية المحتملة على طريق التفاعل الايجابي بين التيارين الفكريين الاساسيين في الساحة العربية بحيث تتطور الجبهة من خلال نضالاتها العملية الى مزيد من التلاحم والوحدة الفكرية والتنظيمية بين اطرافها. صدام حسين نفسه كان يلح في اجتماعاته مع لجان الجبهة على ضرورة هذا التفاعل الايجابي وتوفير شروطه الايديولوجية والنفسية كان يقول :اعتقد ان الخطأ الذي يقع فيه البعثيون كما يقع فيه الشيوعيون بشكل خاص. هو ان كل رفيق منهم يتصور ان استقلاليته الايديولوجية تجعله يعتقد بأنه وحده يمتلك الحقيقة الكاملة المطلقة في التطبيق. ثم يصر على هذا التصور ويطلب من الاخرين ان ينضووا تحت جناحه وتتأثر كل تصرفاته اللاحقة بذلك ان مثل هذا الفهم الخاطئ للاستقلالية اذا ما استمر فان الجبهة لن تصل الى افقها الاستراتيجي. كما كان يولي تقديرا للاعتبارات النفسية التي تلعب دورا هاما في خلق الاطار الملائم لهذا التفاعل :ان اساس التفاعل ايها الرفاق هو توفر روحية التفاعل و وجود الرغبة في التفاعل والرغبة المجردة بدون ارضية تقف عليها غير كافية اذ يجب ان نوجد الجو النفسي الذي يجعل من التفاعل عملية مطلوبة وضرورية والتفاعل في اية حال غير مناقض للاستقلال الايديولوجي ان الاستقلالية الايديولوجية لا تلغي التفاعل من اجل وضع الايديولوجية في سياق جديد يكون الوجه الجديد فيها هو التكيف والتفاعل مع حقائق المجتمع ومع ظروفه الموضوعية المتطورة بما يفتح مسالك جديدة امام العمل السياسي والفكري والاجتماعي ان هذا النهج يمكننا من تكوين جبهة تكثر فيها المعابر التي تجعل الفكر امام اخذ وعطاء للمستقبل وأمام تفاعل افضل بصورة دائمة. يتبع