يتواصل تقديم الترشّحات للانتخابات الرئاسيّة السابقة لأوانها المقرّرة ليوم 15 سبتمبر القادم، وبعيدا عما تُثيرهُ بعض الترشّحات من استخفاف بالمنصب الأعلى في الدولة فإنّ الأمل يبقى قائما كي تنجح النخبة السياسيّة، بأحزابها وشخصياتها ومنظّماتها الوطنيّة في كسب رهان هذا الموعد الانتخابي وتحقيق المأمول منهُ في ضمان استمراريّة مسار الانتقال الديمقراطي وتصعيد شخصية جديرة بالموقع وقيادة البلاد. هناك شيء مهمّ على الجميع أخذهُ بعين الاعتبار، وهو ضرورة استثمار حالة الإجماع الوطني التي تلت فاجعة وفاة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، إذ أعادت تلك الوفاة، على ما خلّفتهُ من حزن وألم، الروح لوحدة التونسيّين واحترامهم لرموز الدولة وتوقهم الدؤوب في إيجاد خلف مقتدر ل»سي الباجي» يكون بإمكانه مواصلة نفس السياسة التوافقية والتجميعيّة التي عشناها طيلة السنوات المنقضية وأن يقف سدّا منيعا أمام كلّ أهواء الاقصاء او مغامرات البعض من السماسرة والانتهازيين الذين يعوّلون على بلوغ قصر قرطاج لخدمة مصالحهم ومصالح لوبياتهم وتكتلاتهم المالية والاقتصاديّة أو الإيديولوجيّة الفاسدة والمُفسدة. لا تحتملُ البلاد المزيد من المناورات والمؤمرات، بل تحتاجُ قدرا عاليا من المسؤولية والتعاطي الجدّي مع أوضاع البلاد وحاجتها للوحدة الوطنيّة الجامعة والتأهّب كما يجب لرفع التحديات الاقتصاديّة والاجتماعيّة الماثلة والتي يزدادُ وقعها يوما بعد يوم على حياة المواطنين وإثقال كاهل قدرتهم الشرائيّة وتضاعف من صعوبات معيشهم اليومي وتحدّ من أملهم في المستقبل الأفضل. الخوف اليوم، أن يُؤدي وقوع الانتخابات الرئاسيّة في ظرف استثنائي باغت الكثيرين، إلى ارتباك الأجندات وتضاربها وارتفاع منسوب التصادم والاحتقان بين المتطلعين والطامحين لبلوغ كرسي قرطاج، والمسؤوليّة ستكون ثقيلة على القوى الوازنة في البلاد سواء منها الأحزاب أو المنظمات الوطنيّة من أجل تعديل البوصلة والحرص على ترشيد سريع للمسار الانتخابي الرئاسي والابتعاد عن الاستقطابات الحادّة والعنيفة عبر البحث عن مرشّح له من المواصفات ما يجعلهُ قادرًا على تجميع كلّ التونسيّين وحماية الوحدة الوطنيّة والحفاظ على استقلاليّة القرار الوطني. هذه مسؤوليّة تاريخيّة للفاعلين الكبار دونما شكّ، وقد عوّدتنا النخبة منذ الثورة على حسن التقاط استحقاقات اللحظات التاريخية الفارقة لإخراج البلاد من أتون الأزمات الخانقة والآفاق المسدودة والأنفاق المظلمة الى فضاءات أرحب من التفاؤل والأمل. صحيح أنّ الانتخابات جاءت فجئيّة، ولكن برغم ما يزال هناك الكثير من الوقت لإجراء الحوارات والمشاورات وتقريب وجهات النظر وتحقيق شيء مأمول يُريحُ الجميع ويُزيل كلّ المخاوف ويقي البلاد من كلّ المفاجآت غير المحمودة التي قد يُفضي إليها تطاحن انتخابي منفلت عن كلّ الحدود والضوابط، ولا شيء يدعو إلى العجلة أو التسرّع. رئيس صادق، يُقنع في خطابه ويطمئن من خلال سيرته وتجربته، يوحّد التونسيّين، ولا يفرّقُهم، ويؤتمنُ على استكمال مسار الانتقال الديمقراطي وإطلاق مسارات التنمية والتطوير في أفق ما بعد 2019.