صوت جبلي.. قوي.. صاف.. ونقي، حضور ركحي مبهر وهي تشدو بخوالد الأغنية التونسيةالاصيلة عاشقة متيمة بالمالوف والمقامات والطبوع التونسية بشموخ واعتزاز.. تلميذة نجيبة في مدرسة الرشيدية بعراقة تاريخها ووضوح أهدافها. هي سارة النويوي التي ترى في الرشيدية الاصل... والهوية والخصوصية.. الشهرة لا تعنيها بقدر ما يعنيها ويهمّها أن تكون لها بصمتها الفنية الخاصة هو الاعتزاز بالهوية وبالانتماء الى هذه الربوع الجميلة من الوطن العربي الكبير: تونس. سارة النويوي تسير بخطى ثابتة نحو المزيد من النجاح الفني... النجاح الذي يرسخ ويؤكد حضورها المتوهج والدائم في وجدان كل عاشق للطرب التونسي الأصيل... اختارت سارة النويوي البحث الدائم عن المتعة الفنية التي تحلق بالمتلقي في الأفق الرحب.. فكان ان انطلقت منذ فترة في الاعداد لمشروع فني توسي اصيل... مشروع يذكرنا بما قام به رواد ومؤسسو الرشيدية خلال فترة الثلاثينيات.. حيث كان العمل منصبا بدرجة أولى على العودة الى الموروث الفني الوطني الأصيل ونفض الغبار عنه فكانت " مع العزابة " و" بخنوق " و" نا وجمالي فريدة " و" فراق غزالي " و " ياخيل سالم " و " لميت لم المخاليل "... وغيرها من الدرر الفنية الخالدة فكان ان اعيد لها بريقها. سارة النويوي وبدعم وتأطير من المايسترو نبيل زميط، وبمساهمة فاعلة من الإذاعة الوطنية التي اعادت كتابة هذه الأغاني تعمل جاهدة وبكل جدية على نفض الغبار عن ابداعات تونسيةاصيلة من مختلف جهات البلاد ,أغنيات نادرة... اغنيات تقدم وتكتب قصصا وحكايات وتروي وقائع واحداث واحتفالات بموسم الحصاد والزرع وجني الزيتون وغسل وغزل ونسج الصوف والخياطة وتصميم وزركشة الثياب باستعمال "القرقاف"... كلها أغنيات نادرة تكتب هذه الاحداث والمواقف عملت سارة النويوي على جمعها قبل تسجيلها. 14 أغنية من الجهات نجحت سارة النويوي الى حد الان في جمع 14 اغنية من الموروث الفني التونسي النادر من عديد جهات البلاد.. نابل.. قفصة... سليانة... جندوبة... سيدي بوزيد... القصرين... قفصة... تطاوين... مدنين... وغيرها من المدن قبل الانطلاق في التسجيل ضمن مشروع فني متواصل من هذه الأغاني التي تمثل إضافة هامة ومعتبرة للمدونة الغنائية التونسيةالاصيلة " قداش ليلي من سنا ودهور... نستناو في فرح المشهور.. "...واغنية " محلى القريب.. لا واحد يدير مزية .. براني ويعز على " وهي بالاشتراك مع الفنانة فائزة المحرسي.. واغنية " بزوز اباري تطرز على القرقاف. نطلب على العالي يا ربي خليها لي".... والقائمة طويلة لهذه الأغاني التي قالت سارة النويوي انها جمعتها بمساعدة اقاربها من كبار السن.. هي أغنيات من اعماق البلاد... أغنيات بدويبة ريفية اصيلة كانت النسوة يرددنها بعيدا عن الاعين في اعمق الأرياف والجبال والقرى والبوادي.. على خطى صليحة سارة النويوي، وهي الصوت الصادح والنقي والقوي في الرشيدية، يرى ويتفق النقاد والمتابعون للشأن الفني في تونس، انها تسير بثبات على خطى صليحة الصوت التونسي الخالد. دقة في اختيار ما تقدمه، ايمان راسخ وعشق لا نهائي للهوية الإبداعية الغنائية الوطنية، البحث الدائم عن الجديد الذي يرسخ في المتلقي الفخر بالموروث الإبداعي... هذا الصوت الجبلي القوي لا ندري لماذا وقع اقصاؤه من المهرجانات الصيفية.. وهو القادر على تقديم الاغنية التونسيةالاصيلة التي نحتاجها ونروم اليها ونبتغيها ونتوق اليها في عصر طغت فيه موسيقات هزيلة فاقدة لكل رونق ابداعي... موسيقات تقتل في المتلقي كل إحساس بجمال الوجود.. والاعتقاد الراسخ ان سارة النويوي تبقى من الأصوات التونسيةالاصيلة التي تختص في الإبداعات الفنية التونسيةالاصيلة شانها في ذلك شان الزين الحداد.. صوتان من الزمن الجميل في هذا العصر الموسيقى الغريب.