تزامنا مع اقتراب نهاية موسم حصاد الحبوب انطلق بباجة موسم جني عباد الشمس السوداء وسط توقعات بزيادة 20 % في صابة الموسم الحالي مقارنة بما تم تسجيله خلال السنة الفارطة. باجة (الشروق) على امتداد عقود طويلة اشتهرت الجهة بزراعة عباد الشمس أو ما يعرف لدى فلاحي الجهة " بالقلوب " السوداء. وهي بذلك تمثّل نشاطا فلاحيّا موسميا هاما إلى جانب زراعة الحبوب والبقوليات ومجالا لقيام الفلاحين بالتداول الزراعي من أجل ديمومة خصوبة الأراضي الفلاحية ومصدرا لتحقيق مداخيل إضافية . ورغم تراجع نشاطها خلال الخمس سنوات الأخيرة بسبب توريد عباد الشمس ذات الثمرة البيضاء المتأتية من تركيا إلا أنها حافظت على أهميّتها الاقتصادية ودورها الاجتماعي بالجهة. حيث يتم تعاطي نشاطها في إطار مستغلات عائلية. وتقدر المساحات المزروعة من عباد الشمس السوداء خلال الموسم الفلاحي الحالي بحوالي 4 آلاف هكتار موزعة على 5 معتمديات. وهي باجة الشمالية وباجة الجنوبية وعمدون ونفزة وتبرسق إضافة إلى بعض المساحات من عباد الشمس ذات الثمرة البيضاء والتي لا تتجاوز حدود 300 هكتار. ويتركز 70 % من نشاط زراعة عباد الشمس ذات الثمرة السوداء بمعتمدية باجة الشمالية . وأشار مجيد أولاد الصغير رئيس دائرة الإنتاج النباتي بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بباجة إلى أن تقديرات "الصابة" الحالية ستكون في حدود 3000 طن مقابل 2500 طن خلال الموسم الماضي. وهوما يمثل زيادة ب 20 % في حين يتراوح المردود بين 400 و800 قنطار في الهكتار الواحد وذلك حسب نوعية التربة ونقاوة البذور والتقنيات الزراعية المعتمدة. طاقة تشغيلية عالية يناهز عدد مزارعي عباد الشمس بالجهة 300 منتج. جلهم من صغار الفلاحين. ويتم أغلب هذا النشاط وفق مستغلات عائلية أو عن طريق شراكات فلاحية. ورغم قصر موسم زراعة عباد الشمس وهوالذي لا يتجاوز 3 أشهر(ماي، وجوان، وجويلية) فإنّ الهكتار الواحد من عباد الشمس قادر على توفير 35 يوم عمل. وهوما يسمح باستقطاب آلاف اليد العاملة من العائلات في الوسط الريفي. كما أن له انعكاسا مباشرا وغير مباشر على حوالي 100 ألف في هذا النشاط إضافة إلى أنه يعتبر محرّكا أساسيا في تنمية الحركة التجارية بالجهة. تجربة فاشلة مع بداية ظهور عباد الشمس ذات الثمرة البيضاء بالأسواق وكثافة الإقبال عليها في مراحلها الأولى اختار عدد من الفلاحين تطوير المنظومة بإنتاج عباد شمس بيضاء إلا أن المساحات المبذورة بقيت محدودة جدا. ولم تتجاوز حدود 300 هكتار. كما أن مردوديتها ظلت ضعيفة وأسعارها مرتفعة. ولم تجد إقبالا لدى التاجر وبائعي الفواكه الجافة مقارنة ب" القلوب " المحلية. وهوما فرض على الفلاحين عدم مواصلة التجربة والاقتصار على زراعة عباد الشمس السوداء وبالتالي المحافظة على منظومة تصريف الإنتاج في الأسواق الداخلية . غياب مصانع تحويلية يخضع الإنتاج إلى قاعدة العرض والطلب مما يجعل أسعاره غير ثابتة من موسم إلى آخر وذلك في غياب أسعار مرجعية لعباد الشمس السوداء على غرار الحبوب والفول المصري . وفي ظل افتقار الجهة الى مصانع تحويلية لإنتاج الزيت النباتي كما هوالشأن بالنسبة إلى السلجم الزيتي ( الكولزا ) يتم توجيه أغلب المنتوج إلى الاستهلاك الطازج (القلوب) . ومسايرة لرغبات المستهلك تم طرح فكرة تطوير البحث العلمي باتجاه قيام المعهد الوطني للبحوث الزراعية بإنتاج بذور محلية من عباد الشمس السوداء على شاكلة البيضاء وفتح باب التصدير لترويج عباد الشمس المحلية أوإقامة أسواق تجارية نموذجية خاصّة لتفادي انهيار أسعارها وضمان دخل قار للمزارعين والمحافظة على استمرارية وجود هذا النوع من المزروعات وقطع الطريق أمام توريد " القلوب " البيضاء وما تحمله من أمراض جينية وفطرية .